يستمر صعود أسعار النفط إلى المستويات التي كان عليها في نهاية 2019، ومن المرجّح أن تنخفض الأسعار مجددا في الفترة القادمة، بحسب عدد من الخبراء.
ففي تقرير نشرته صحيفة "إزفيستيا" (Izvestia) الروسية، يقول الكاتب أليكسي توبالوف إن سعر البرميل تجاوز 71 دولارا في 8 مارس/آذار الجاري، إلا أنه لم يحافظ على هذا الارتفاع الظرفي، ومن المنتظر في أبريل/نيسان القادم أن تتفق دول "أوبك بلس" (+OPEC) على زيادة إنتاجها، وهذا ما سيدفع الأسعار للانخفاض مجددا.
يشار إلى أن خام برنت نزل في التداولات الصباحية اليوم الأربعاء أقل من 0.1%، ليستقر عند 67.50 دولارا للبرميل، في حين صعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 0.2%، ليبلغ 64.12 دولارا للبرميل، وفق ما أوردته وكالة رويترز.
ارتفاع ظرفي
في الثامن من الشهر الحالي، تجاوزت أسعار العقود الآجلة لخام برنت حاجز 70 دولارا، وهو مستوى لم تصل إليه منذ أواخر 2019، أما خام غرب تكساس الوسيط فقد وصل سعره في شحنات أبريل/نيسان إلى حوالي 68 دولارا للبرميل.
ولكن في اليوم ذاته، هبطت الأسعار مجددا، حيث انخفض سعر خام برنت في بورصة لندن إلى 69.62 دولارا، وانخفض سعر خام غرب تكساس الوسيط إلى 66.36 دولارا.
ويشير الكاتب إلى أن هذا الارتفاع الظرفي جاء في أعقاب الهجوم الذي شنه الحوثيون على السعودية، إلى جانب المؤشرات القوية على الانتعاش الاقتصادي بفضل إجراءات التحفيز التي اتخذها العديد من الدول، والتزام الدول الغربية ودول أوبك بلس بالحد من الإنتاج.
استهداف السعودية
وأطلق الحوثيون في اليمن صواريخ باليستية على الأراضي السعودية، إلى جانب طائرات مسيرة محملة بالمتفجرات، وقد أصيب في هذا الهجوم ميناء رأس تنورة الذي يعد واحدا من أكبر موانئ شحن النفط في العالم، إلى جانب تضرر البنية التحتية لشركة أرامكو (Aramco).
أيضا تم استهداف إحدى منشآت تخزين النفط، ولكن الهجوم لم يسفر عن أية أضرار مادية أو بشرية بحسب الإعلام السعودي، وقد استهدف الحوثيون أيضا مواقع عسكرية في ميناء الدمام ومحافظتي عسير وجيزان، بحسب المتحدث باسم الجماعة.
ويقول أندري بوليشوك المحلل في مؤسسة "رايفيسنبنك" إن من غير المنتظر أن يؤدي هذا الهجوم إلى عرقلة تدفق النفط، وهو ما يفسر عودة الأسعار للانخفاض بسرعة، إضافة إلى ذلك، فإن السعودية راكمت ما يكفي من احتياطات الخام لاستخدامها عند الضرورة.
الحوثيون عندما أطلقوا صواريخ على الأراضي السعودية وأصابوا شركة أرامكو لم يعرقلوا تدفق النفط (رويترز)
ما الذي يحدد الأسعار؟
كل هجوم يقوم به الحوثيون يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، ولكن هذا الارتفاع دائما ما يكون قصير المدى، ويؤكد الخبراء أن هناك عوامل أخرى أيضا تتحكم في تقلبات الأسعار.
ويقول ستانيسلاف ميتراكوفيتش الخبير في جامعة الدراسات المالية في موسكو، "إن دول أوبك بلس قررت مؤخرا عدم زيادة الإنتاج، مع منح استثناء لروسيا وكزاخستان اللتين ستزيدان من إنتاجهما في أبريل/نيسان، بقيمة 130 ألف طن يوميا للأولى و20 ألف طن للثانية، ولكن المفاجأة تمثلت في اعتزام السعودية تمديد التزامها الطوعي بخفض الإنتاج بواقع مليون برميل يوميا في أبريل/نيسان.
وقد التزمت المملكة بالسقف المتفق عليه في فبراير/شباط ومارس/آذار، وهو ما دعم ارتفاع الأسعار، وقد كان كل الملاحظين يتوقعون أن تطلق السعودية العنان للإنتاج في أبريل/نيسان.
وهناك عامل آخر أدى لارتفاع الأسعار، وهي حملات التطعيم ضد فيروس كورونا التي انطلقت في معظم دول العالم، ويضاف إلى ذلك خطة التحفيز التي أعلن عنها الرئيس جو بايدن لإنعاش الاقتصاد الأميركي، وهي خطوة سيكون لها أثر إيجابي على كل القطاعات، وأولها النفط، وفقا للخبراء.
توقعات
ويرى ميتراكوفيتش أن هناك عوامل قد تؤثر بالسلب على قطاع النفط، منها محدودية نجاح حملات التطعيم، وإمكانية فشل بعض الدول في الحد من انتشار من الفيروس.
إضافة إلى ذلك، فإن السعودية قد تعتبر نفسها في حِلّ من أي التزامات بالحد من الإنتاج مع حلول مايو/أيار، وبذلك سيضطر تحالف أوبك بلس إلى مراجعة الحصص الممنوحة لكل بلد.
هذا الأمر قد يؤدي أيضا إلى خلافات بين الدول، إذا تبين أن ارتفاع الأسعار سيستفيد منه بشكل خاص قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة، ولذلك يحذر ميتراكوفيتش من أن كل هذه العوامل، مع تزايد التهديدات الاقتصادية، يمكن بكل سهولة أن يؤدي لانهيار تحالف أوبك بلس.
وحتى إن تمكن التحالف من الالتزام بسياسته الهادفة إلى الحد من الإنتاج، وواصلت السعودية التزامها الطوعي بالسقف المتفق عليه، فإن الأهداف المرسومة لهذا التحالف لن يتم تحقيقها بنهاية عام 2021 وبداية 2022، كما كان مأمولا في السابق، بل بنهاية الربع الثالث من العام المقبل.
وأشار الكاتب إلى أن التعافي البطيء في مستويات الطلب على النفط عالميا، سيكون عاملا إضافيا يعرقل أي ارتفاع كبير في سعر البرميل فوق مستوى 70 دولارا.