يبدو الجدل الإسرائيلي الداخلي حول ردع إيران ممزوجًا بالمعارك على الموارد والأبعاد الشخصية بين رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي ورئيس جهاز الموساد يوسي كوهين، ما يطرح أسئلة كثيرة عن دورهما، ولماذا ينشأ خلاف بينهما الآن.
صحيح أن الخلافات بين الموساد وجيش الاحتلال بشأن القضايا التشغيلية والإستراتيجية كانت موجودة دائمًا، وستظل كذلك في المستقبل، لكن الآونة الأخيرة شهدت ظهور مثل هذا الجدل بوسائل الإعلام نتيجة مهاجمة سفينة إسرائيلية في الخليج العربي.
فبينما طالب كوهين برد جريء، أيد كوخافي ردًّا أكثر اعتدالًا، لكن من المستحيل استبعاد احتمال أن يكون هذا الخلاف، الذي عرف طريقه إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وجود صراع على السلطة مستمر منذ مدة طويلة داخل أقطاب المؤسسة الأمنية في (إسرائيل)، إنه صراع على القيادة وتحديد السياسة العملياتية.
يثير هذا الجدل -لا شك- تساؤلًا جوهريًّا عما الذي سيردع الإيرانيين أكثر على المديين القصير والطويل، رغم أنه خلاف على الموارد، فضلًا عن مكانتهما الشخصية، على خلفية المواجهة المعقدة بين المؤسسة العسكرية والمخابرات والجيش والموساد وجهاز الأمن العام في التصدي للنفوذ الإيراني، وكل منها بأساليبها الفريدة والساحة الخاصة بها والعمليات المشتركة.
ينفذ الجزء الأكبر من أنشطة الموساد في الخفاء، ويمكن تقدير أن في مركزها هي المراقبة الاستخباراتية، وإحباط برنامج الأسلحة النووية الإيراني، ويلعب دورًا مهمًّا جدًّا في إحباط جهود التكثيف والأنشطة الموجهة ضد (إسرائيل)، وكذلك الشاباك، الذي يركز على مكافحة الهجمات ضد (إسرائيل)، داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها، وتأمين المنشآت والمعلومات فيها.
كما يتلقى الجيش والشاباك معلوماتهما واستخباراتهما من وحدات الجمع والتقييم التابعة لقسم الاستخبارات العسكرية-أمان، والوحدة 8200، ووحدات الذكاء المرئي، ومن دونها، إن الموساد يتلمس عمله في الظلام، مع أن الموساد هو المسؤول الوحيد في الوجهات البعيدة كإيران عن جمع المعلومات الاستخبارية ومكافحة "العمليات المعادية".
الشيء نفسه ينطبق على العلاقات السياسية والعسكرية غير الرسمية مع إيران في الخليج العربي، إذ يشارك جيش الاحتلال في العديد من جوانب التعامل مع إيران في الخليج العربي ومنطقة البحر الأحمر، كاليمن ومصر وباب المندب، وفي مراقبة العمليات في المنشآت العسكرية والبحرية الإيرانية، مع الأسطول الأمريكي الخامس المتمركز في البحرين.
الخلاصة أنه على هذه الخلفية يجب فحص "ثني الأيدي" خلف الكواليس بين رئيس الموساد ورئيس الأركان، صحيح أن عمليات الموساد مهمة جدًّا بكل المقاييس، لكن جيش الاحتلال يزعم أنه تمكن من ردع الإيرانيين أكثر منه تأخير تقدم البرنامج النووي الإيراني، لكن الفرق أن ظهور كوهين الإعلامي أكثر بروزًا من أسلافه في هذا المنصب.