لم يكن سرا أن الأشهر الأخيرة من إدارة ترامب، شهدت حذرا من حزب الله في عدم تسخين الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي، خشية من رد مؤلم، لكن مع دخول إدارة بايدن، وعلى خلفية تفاقم الأزمة في لبنان، وانشغال (إسرائيل) بشؤونها الداخلية، قد يشعر الحزب بالراحة الكافية، ويخاطر بالتصعيد من أجل استعادة الردع.
الوارد أعلاه هو التقدير الإسرائيلي السائد في الأروقة السياسية والأمنية والعسكرية، ويحمل توقعًا بأن هناك ما يشير لاستعداد الحزب للمجازفة مع إسرائيل، هذا ليس انقلابًا متعمدًا، فهو لا يزال مهتمًا بتجنب الحرب، لكنه يحاول إقامة معادلة الردع معها، ويعبر هذا السلوك عن تغيير لديه في إشارة لضبط النفس الذي فرضه في الأشهر الأخيرة في حقبة ترامب، لمنع رد فعل غير عادي ضده.
ومع أن إدارة بايدن لم تنتهِ بعدُ من صياغة سياستها تجاه لبنان والحزب، فإن قيادته، وفقا للتصور الإسرائيلي، تقدر أنه نشأت فرصة سانحة لتعزيز مصالحها تجاه إسرائيل خارجيًا، وفي الساحة اللبنانية داخليًا، فقد يختار الحزب خوض مواجهات محدودة وقصيرة، ويدعم هذا الانطباع تبادل الرسائل العامة بين الحزب وإسرائيل.
على الصعيد الميداني، فإذا بدأ الحزب هجومًا يؤدي لمواجهة عسكرية، فستواجه إسرائيل معضلة حول إن كانت سترد، وكيف سيكون، سواء لاحتواء الأحداث، أو إذا اعتبرتها ذريعة لعمل عسكري واسع النطاق يلحق الضرر بالبنية التحتية للحزب، ما يشكل تهديدا استراتيجيا لها. أما بالنسبة لسياسة بايدن تجاه لبنان والحزب.
في الآونة الأخيرة، حصل تصعيد في استعداد الحزب للمجازفة بإمكانية المواجهة مع إسرائيل، وانعكس بمحاولة الإضرار بالطيران الإسرائيلي في أجواء لبنان، بعد فترة طويلة من التجنب منذ أكتوبر 2019، حتى أطلق في 3 فبراير صاروخا ضد طائرات من دون طيار، وتباهى متحدثوه بإطلاق النار كدليل على العزم على منع النشاط الإسرائيلي في لبنان، والإبقاء على معادلة الردع أمامه، ويبدو أن تصعيده منسق مع إيران.
تقدير الحزب بأن إسرائيل منشغلة بشؤونها الداخلية بسبب أزمة الانتخابات، وباتت محفوفة بالمخاطر، بجانب الفرصة التي أتاحها تغيير الإدارة في الولايات المتحدة، بعد أن التزم ضبط النفس تجاه الهجمات الإسرائيلية الأخيرة واسعة النطاق على قواعده العسكرية في سوريا، الهادفة لإحباط عمليات نقل الأسلحة من إيران، وإلحاق الضرر ببنيتها التحتية في مرتفعات الجولان.
في المحصلة، ترى الأوساط الإسرائيلية ضرورة إثارة القضية اللبنانية في أقرب وقت ممكن في حوار بين الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية الجديدة، وتشجيعها على مواصلة تدخلها في لبنان، مع المساعدة في صياغة سياستها التي يجب أن تشمل استمرار الضغط الاقتصادي على الحزب، وفي الوقت ذاته عدم ترك لبنان يقترب من الانهيار، بحسب وصفها.