سنة 2005، استجبنا للضغوط، وللتدخلات الخارجية، ووقَّعنا اتفاقية القاهرة، التي طالبتنا بالتهدئة مع الاحتلال، وإنهاء انتفاضة الأقصى، على طريق إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، وكانت النتيجة أن أخذ الاحتلال التهدئة، وكانت التهدئة مطلب المجتمع الدولي وقتئذٍ، ولم نتمكن نحن الفلسطينيين من تطبيق بند إصلاح منظمة التحرير حتى يومنا هذا، ثم واصل الدكتور محمد الهندي عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي حديثه قائلًا:
وفي شهر سبتمبر من عام 2020، وافقنا على لقاء الأمناء العامين في بيروت، لتحقيق الوحدة الوطنية، وإصلاح منظمة التحرير، على طريق التصدي لصفقة القرن، ووافقنا على المشاركة في قيادة وطنية للمقاومة الشعبية، وأصدرت القيادة بيانها الأول، ولكن مجرد أن فاز الديمقراطيون بالانتخابات الأمريكية، تبخر كل شيء، وعادوا إلى التنسيق الأمني.
وفي لقاءات القاهرة، اتُّفِق على إجراء الانتخابات، وأخشى أن يأخذوا الانتخابات، ولا يعطونا بند إصلاح منظمة التحرير!
في اللقاء الذي نظمه منتدى الإعلاميين الفلسطينيين، تركز النقاش على دور حركة الجهاد في المرحلة القادمة، وعن صحة موقفها من المشاركة في الانتخابات من عدمه، ولماذا تخلت حركة الجهاد عن حليفتها حركة حماس، وتركتها تخوض الانتخابات التشريعية؟ ولمن ستعطي الجهاد صوتها الانتخابي؟ وهل ما زالت اتفاقية أوسلو على قيد الحياة أم ماتت؟ وتشعّب النقاش إلى إعادة تشكيل المجلس الوطني، وأين الخطأ في اعتبار نتائج الانتخابات التشريعية هي المكون الرئيس للمجلس الوطني؟ فما دام سكان غزة والضفة الغربية لا يمثلون أكثر من نسبة 36% من مجموع الشعب الفلسطيني، فهل يحق للأقلية تقرير مصير الأغلبية؟ ثم هل الانتخابات الرئاسية ستكون لرئيس الدولة أم لرئيس السلطة؟ وإذا كان المرسوم الرئاسي قد صدر عن رئيس الدولة، فأين هي الدولة؟ وأين أرضها التي يسيطر عليها المستوطنون؟ وأين هو شعب هذه الدولة الذي لا يشارك بأغلبيته في الانتخابات لهذه الدولة؟
أسئلة كثيرة تفاعل معها الإعلاميون، وناقشت الحالة الفلسطينية، ولكنها لم تقترب من الجذر الذي تفرعت عنه كل تلك الخلافات الفلسطينية، الجذر الذي يتمثل بالنظام السياسي الفلسطيني، الذي لا يستمع إلى الرأي الآخر، ولا يسمح بالتعددية، ولا يقبل الاختلاف، وقد رضي أن يكون ملحقًا أمنيًا واقتصاديًا بالاحتلال، إنه النظام السياسي الفلسطيني القائم على التفرد، وعدم الشراكة، وقد طالب السيد ناصر القدوة أحد أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح بنسف هذا النظام، والعمل على تأسيس نظام سياسي يقوم على المأسسة، ويحتكم إلى الثوابت الوطنية، نظام يتأسس على الحوار الوطني، ولا يتسلط فيه الفرد على القرار، نظام يحتكم إلى القانون، ولا يصدر القوانين وفق هوى حزب أو مجموعة، وهذا لب الصراع الفلسطيني الداخلي، الذي يجب أن يُحسم، قبل أن نتوجه بسهام المقاومة إلى صدر الاحتلال.
النظام السياسي الفلسطيني بحاجة إلى إعادة صياغة تضمن مشاركة الشعب في تقرير مستقبله، وتضمن التلاقي بين كل القوى الفاعلة في الميدان، ومن هذا المنطلق فقد تكون انتخابات المجلس التشريعي مدخلًا لإعادة ترتيب الأوضاع، بحيث يتلوها إعادة تشكيل المجلس الوطني، ومن ثم انتخاب لجنة تنفيذية تضم كل القوى الفلسطينية وفق تمثيلها على الأرض، لا وفق ولائها لهذا الشخص أو ذاك التنظيم.