قال السيد سعدي أبو عابد عضو المكتب السياسي لـ"فدا": "أرجح ألا تجرى انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني نتيجة للظروف الإقليمية، وأعتقد جازمًا أننا سنذهب إلى مجلس وطني بالتوافق لضمان مشاركة الكل الوطني الفلسطيني".
النتيجة التي وصل إليها السيد سعدي في 2021 أكدتها عام 2015 إذ قلت إن انتخابات المجلس الوطني لا يمكن أن تجرى بمشاركة جميع الفصائل، ولذلك سيشكل بالتوافق إذا أريد للمصالحة أن تتحقق، كما قلت إننا لا نتخيل أن تقدم فصائل منظمة التحرير "مقود المنظمة" للتيارات الإسلامية على طبق من ذهب اسمه "انتخابات"، ولا نتخيل أن نصبح بين عشية وضحاها شعبًا مؤمنًا بالديمقراطية، لذلك علينا أن نتعامل بواقعية مع القضايا الحساسة بما يتلاءم مع الطبيعة الإقصائية التي تتصف بها غالبية فصائلنا الفلسطينية.
المشكلة إذًا ليست إقليمية ولا دولية كما يقول السيد سعدي، وإنما هي مشكلة داخلية عصية على الحل، لأن فصائل منظمة التحرير تعلم علم اليقين أنها إذا خاضت انتخابات المجلس الوطني فستخرج خالية الوفاض، وستخسر الورقة السياسية الأخيرة الباقية في يدها، ولولا المنظمة لما وجدت تلك الفصائل أي صفة قيادية تتحدث بها إلى الشعب الفلسطيني.
أنا سأقولها بصراحة للقيادة الفلسطينية وجميع الفصائل إن موضوع الانتخابات لا يقلقنا كثيرًا، سواء أنجحوا العملية الانتخابية أم أفشلوها تبعًا لحساباتهم الحزبية، ما يقلقنا ويؤلمنا حقيقة ما يحدث في القدس من هدم يومي للبيوت ومصادرة للأراضي وتهجير للسكان وتهويد للمقدسات، ويؤلمنا استمرار الحصار المضروب على غزة والمعاناة اليومية لسكان القطاع، ما يؤلمنا أن سكان الضفة الغربية في مناطق كثيرة لم يعودوا آمنين في بيوتهم ولا في طرقاتهم وأصبحت أرواحهم وبيوتهم مهددة، ومزارعهم وأراضيهم حتى مواشيهم عرضة للسرقة والمصادرة، فما الذي تفعله القيادة الفلسطينية ليشعر المواطن أنه ليس وحيدًا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي؟! ماذا ينفع الفلسطيني ما يحقق من إنجازات وهمية في الأمم المتحدة وهو يخشى على نفسه وعياله من مهاجمة قطعان المستوطنين له؟! ماذا فعلت إنجازاتنا لعائلة دوابشة التي حرقت؟! مصيبتنا أن القيادة تعيش في وهم الدولة والشعب يعيش تحت الاحتلال وواقعية إجرامه وخسته بكل أشكالها، ولذلك يتعين على القيادة الانتقال من وهم الدولة إلى واقع الاحتلال، وحينها فقط يمكن إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية حقيقية.