منذ قيام دولة الاحتلال، وهي تخوض مواجهات مع دول وجيوش ومنظمات مختلفة، لكن أعداءها اليوم باتوا قوة واحدة، يحيطون بها من كل مكان، حتى إن دوائر صنع القرار والتفكير الاستراتيجي يطرحون أفكارًا تبدو خيالية، لكنهم يعدونها سيناريوها تفتح عليهم أبواب جهنم من كل الجهات على (إسرائيل).
من هذه السيناريوهات إمكانية تساقط القاذفات المبعثرة على الجبهة الداخلية الإسرائيلية انطلاقًا من البصرة في العراق، وبيروت وبنت جبيل في لبنان، ودرعا في سوريا، وعدن في اليمن، وغزة في فلسطين، ما يجعل من هذه السيناريو مصدر قلق ليس لـ(إسرائيل) فحسب، وإنما لحلفائها القريبين والبعيدين، ممن باتوا لإبرام اتفاقية دفاع متبادل.
صحيح أن (إسرائيل) باتت لديها الخبرة اللازمة لمعرفة كيف تتعامل مع هذه التهديدات، لكن من الواضح أن عدة جبهات تواجهها في الوقت نفسه، وتديرها قيادة مركزية واحدة، تعني مسألة معقدة، تخيلوا أن شريطًا حدوديًّا طوله 700 ميل على طول الضفة الغربية يقع في أيدي واحدة من هذه الجبهات، ولذلك إن لم توقفهم (إسرائيل)، فسوف تجدهم في العقبة، وهذا السيناريو موجود في خططها متوسطة المدى.
كل ذلك يرتبط بالتطورات الإقليمية المتلاحقة التي تفسح المجال لتحليل خطة العمل المعادية لـ(إسرائيل) في الشرق الأوسط، والتحذيرات التي أطلقها، بعدِّها تحذيرًا استراتيجيًّا عامًا، لأنها قلقة، قلقة جدًّا، بسبب محاولات أعدائها المستمرة في تحذير صناع القرار الإسرائيلي عدة مرات، دون جدوى.
اليوم من الواضح أن الاستراتيجية المعادية لدولة الاحتلال لم تتغير، بالعكس، إنهم يتقدمون، وعزمهم موجود، ولا يتراجعون شبرًا واحدًا، يسعون جاهدين لإجبار العالم كله على اعتبارهم قوة شرعية، مقابل ما يسمعه الإسرائيليون من رسائل "تضليلية"، على الرغم من أنها أكثر تفاؤلًا، بأن جيشهم يعمل ويهاجم، ولكن دون جدوى.
لعل ما يقلق الإسرائيليين، أن أعداءهم لديهم صبر، ويمتلكون نفسًا طويلًا، إنهم أذكياء وذوو خبرة، وعلى الرغم من خسارتهم لبعض قياداتهم وكوادرهم الميدانيين، لكنهم لا يتوقفون ولا يتراجعون، بل يرون الهدف الأعلى فقط، حتى عندما تضربهم (إسرائيل) في أكثر من عاصمة وبلد، فهم لا يتوقفون.
ترى دوائر صنع القرار أن الجهات المعادية لها أكثر رسوخًا اليوم أكثر من أي وقت مضى، ويذهبون من أجل تحقيق هدفهم بكل قوتهم، يحددون مراكز القوة، ويستثمرون الكثير من الموارد، ويقيمون معاقل في الميدان، في المقابل تواجه (إسرائيل) تحديات أخرى لا تقل أهمية، مثل المنظومات الصاروخية متعددة المديات التي لا نستطيع منعها أو تصغيرها، وإتمام ربطة الخنق وحلقة الحصار حولها.