فلسطين أون لاين

تطعيم لقاح كورونا بغزة.. "الجيش الأبيض" يتقدم الخطوط الأولى

...
تصوير / الزميل رمضان الأغا
غزة/ يحيى اليعقوبي:

"مشاعر رهبة تتملك المرء في أول مرة يتلقى فيها التطعيم، يكون خائفًا بعض الشيء، أحببت خوض التجربة".. كومة مشاعر متناقضة تزاحمت في قلب اختصاصية التحاليل في مختبر البيولوجية الجزئية أحلام الطيبي لحظة تلقيها الجرعة الأولى من اللقاح المضاد لفيروس كورونا، كشفتها ملامحها التي امتزجت مع نبرة صوتها المرافقة لكلماتها.

في عيادة الرمال بغزة، أعلنت وزارة الصحة في القطاع أول من أمس في مؤتمر صحفي إطلاق حملة تطعيم لقاح كورونا بعد وصول 22 ألف جرعة تكفي لتطعيم 11 ألف شخص للطواقم الطبية وكبار السن والمرضى، وفي الأثناء كانت صحيفة "فلسطين" ترصد مشاهد من خلف الكواليس لإجراءات التطعيم.

بخفة لم تشعر بنخزتها تلقت الطيبي جرعة اللقاح، ثم طارت معها ضحكة في الهواء أسكنت معها قلقها بعد زفرة راحة منحتها فرصة العمل براحة أكثر معللةً ذلك بقولها: "لكوني أعمل في مواجهة الفيروس من النقطة صفر بمختبر التحاليل، فتلقي جرعة اللقاح يعطيني نوعًا من الأمان الخارجي، فإصابتي بالفيروس يعني غيابي مدة أسبوعين أو أكثر عن العمل وهذا قد يزيد العبء على زملاء المهنة".

منذ عام تواجه الطيبي فيروس كورونا من المسافة صفر، فهي تعمل في المختبر الذي يُجرى فيه فحص نتائج عينات المواطنين إن كانت "إيجابية" أو "سلبية"، شارحة التفاصيل: "نمارس العمل دون كلل أو ملل، وفي بعض الأوقات نعمل ساعات طويلة دون الحصول على إجازات، لقد تعاملنا مباشرة مع الفيروس بإجراء فحص العينات باتخاذ إجراءات الوقاية وعشنا لحظات صعبة".

بحذر وخفة تحقن الحكيمة ليندا النجار اللقاح في الجزء العلوي من يد كل شخص حضر لتلقي التطعيم بناء على تسجيل اختياري سابق عبر تطبيق "صحتي"، دون شعور أي منهم بأي وخز، حيث كان ذلك نتيجة تدريب مكثف خضعت له، وصفته بقولها: "خضعنا تدريبا مكثفا على كل أنواع التطعيمات وكيفية تخزينها وحقنها، والتعامل مع المرضى والمتابعة بعد التطعيم، وأنواع اللقاح ووقت استخدامه وإتلافه".

قبل تلقي التطعيم يمر كل مواطن عبر طبيب يقوم بفحصه نفسيا وجسديا لتفادي حدوث أي مضاعفات صحية، وقبل أن تحقن النجار الشخص، يعرضه الحكيم أحمد أبو خضير على الطبيب، ثم يدون موعد الجرعة الثانية على تطبيق "صحتي" وموعد حضوره وبياناته.

أول جرعة لقاح

تقدم الدكتور رياض الزعنون، أول وزير صحة فلسطيني، وتلقى أول جرعة لقاح في غزة مع وصول الدفعة الأولى من اللقاحات، وسط تصفيق دوى صداه في القاعة المخصصة للتطعيم في عيادة الرمال، تقديرًا واحترامًا للرجل الذي خدم المنظومة الصحية الفلسطينية، ثم توالى تطعيم اللقاحات للطواقم الطبية تقدمها وزيرا صحة سابقان هما د. باسم نعيم، ود. جواد الطيبي.

يصف الزعنون لصحيفة "فلسطين" الحدث بـ"التاريخي"، مضيفا أن الجهاز الصحي بغزة استطاع تحقيق معجزة غير مسبوقة في التكامل والعطاء بأقل الإمكانات، وبخطة صحية تتميز بأنها علمية دقيقة ومرنة، استطاعت التوفيق بين مستلزمات الصحة والاقتصاد واحتياجات الناس بأقل الخسائر.

وقال: "بسبب الخطة الموفقة نصل لمحطة التطعيم رغم الحصار وتضييق الاحتلال"، متمنيًا التوفيق لـ"أبطال الصحة" خصوصًا أنهم قدموا شهداء وضحايا.

من جانبه، لفت نائب الإدارة العامة للرعاية الأولية د. مجهدي ضهير، عقب إطلاق حملة التطعيم، إلى ترتيبات في قادم الأيام لوصول دفعات لقاح أخرى تغطي في المرحلة الأولى 20% من المواطنين من القطاع الصحي وكبار السن وذوي الأمراض المزمنة وأصحاب المناعة الضعيفة، متوقعًا وصولها في الأسابيع القادمة.

وطمأن ضهير في حديثه لـ"فلسطين" المواطنين بأنه لا يوجد أي قلق من اللقاح وأنه آمن حسب الدراسات التي أجريت، فضلا أن مئات الآلاف من الناس تلقوه حتى الآن في دول مختلفة ولم يثبت وجود أي مضاعفات خطرة تؤثر في صحة الإنسان، مؤكدا أنه يوفر مناعة كبيرة ضد العدوى والمرض.

وأوضح الوكيل المساعد في الوزارة د. مدحت محيسن، لـ"فلسطين"، أن الجرعات التي وصلت وزارة الصحة بغزة هي 20 ألف جرعة من دولة الإمارات و2000 جرعة من الوزارة برام الله، تكفي لتطعيم 11 ألف شخص، حسب الأولوية، مؤكدا أن الاحتلال أخّر وصول اللقاح.

جرعات أخرى

وذكر منسق المساعدات الطارئة بمنظمة الصحة العالمية د. عبد الناصر صبح، أن 11 ألفا و200 جرعة من لقاح "فايزر -سبوتنيك" ستصل القطاع في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع ضمن دفعة إجمالية ستصل السلطة تبلغ 37 ألفا و44 جرعة.

وقال صبح لصحيفة "فلسطين"، على هامش مشاركته في مؤتمر إعلان بدء تطعيم لقاح كورونا، إن هناك دفعة أخرى بعدد 240 ألف جرعة من لقاح "أسترازينيكا" ستوجه للسلطة في الأسابيع القادمة، لم يتم تحديد حصة غزة منها بعد.

وأضاف أن الجزء المخصص لغزة من إجمالي تلك الدفعة سيتم تحديده حينما تصل دفعة اللقاحات بناء على دراسة ما وصل غزة من المنح والمساعدات الخارجية.

وأكد أن منظمة الصحة تقوم بدعم وزارة الصحة الفلسطينية باستجلاب اللقاحات عبر برنامج "كوفاكس" الذي يضم 191 دولة، وستوفر 20% من حاجات السكان للدول التي لا تستطيع شراء اللقاح أو تجد صعوبة في توفيره.

ولفت إلى أن المنظمة ستقوم بالتنسيق واستجلاب التطعيم، معربا عن أمله في تطعيم مليون شخص في القطاع حتى نهاية العام الجاري.