رغم الهدوء الأمني النسبي المخيم على الضفة الغربية جيش الاحتلال الإسرائيلي يستعد للانتشار في الضفة الغربية، على التلال وعند التقاطعات وفي الساحات والمناطق، ويمكن رؤية الوسائل التكنولوجية المتقدمة التي يحاول بوساطتها التعامل مع الهجمات الفلسطينية، خشية أن يتبع ظهور نتائج الانتخابات الفلسطينية، وحينها قد تنشأ انتفاضة مسلحة تشارك فيها كل المنظمات الفلسطينية.
لعل جولة ميدانية في عدد من مناطق الضفة الغربية يمكن فيها ملاحظة العديد من الصواري العالية الظاهرة أخيرًا، التي أقامها جيش الاحتلال على قمم التلال، ومجموعات الكاميرات التي تراقب التقاطعات الرئيسة، والمربعات المنتشرة 24 ساعة طيلة أيام الأسبوع السبعة أصبحت مرئية الآن.
يرى جهاز الأمن الإسرائيلي العام والجيش أن دوافع المنظمات الفلسطينية بالضفة الغربية لتنفيذ الهجمات ما زالت على حالها، ورغم الاعتقالات المستمرة في صفوف الفلسطينيين إنهما غير راضيين عن النتائج بما يكفي، إلى درجة أن هناك تقديرًا إسرائيليًّا سائدًا مفاده أن مواصلة الاعتقالات والتحقيقات، وتفكيك البنية التحتية في الضفة الغربية تجعل المنظمات تدخل مرحلة زمنية من التعافي، ثم تنفيذ الهجمات المسلحة.
قوى المقاومة الفلسطينية من جهتها تتابع الإجراءات الأمنية الإسرائيلية ضد الخلايا المسلحة الأخيرة، ولم تتأخر باستخلاص النتائج، إذ عززت أخيرًا سيطرتها وبنيتها التحتية في الضفة الغربية، وفي المقابل استمرت الهجمات الشعبية المتمثلة في إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة بمناطق الضفة الغربية، بجانب عمليات إطلاق النار والطعن والدعس التي نفذها أفراد ومنظمات محلية.
تزعم الأوساط الأمنية الإسرائيلية أن المقاومة الفلسطينية ربما قررت تجنب تنفيذ هجمات قوية قدر الإمكان في المستقبل القريب، من أجل عدم دفع الجيش وجهاز الأمن العام لإطلاق عملية إستراتيجية واسعة لملاحقتها، من شأنها إضعاف قدرتها على التعامل مع استحقاق الانتخابات المقبلة.
مع العلم أن معظم النشاط العسكري الإسرائيلي يكون بالاعتراض المادي باستخدام أجهزة استشعار وأجهزة حاسوب مختلفة تراقب المنطقة بوحدات المراقبة والاستخبارات، وهناك تحلل المعلومات، وترسل تنبيهات ساخنة إلى مقاتلي استطلاع لواء غولاني في مواقع عند التقاطعات، أو موجهة إلى مشتبه به في الميدان.
كما أن مقرات بعض الألوية المكانية التابعة لجيش الاحتلال تمتلك قدرات لم يكن لديها حتى وقت قريب سوى وحدة 8200 الاستخبارية وجهاز الأمن العام (الشاباك)، ما يسمح للضباط بإجراء تقييمات للوضع بناءً على معلومات محدثة.
في الضفة الغربية يمكن لهذه المعطيات أن يكون لها تأثير فوري بعدة مناطق: جنود الميدان، المواقع الأمنية المتنقلة، يتلقون تحذيرات تمنحهم وقتًا قصيرًا، فقط عشر ثوانٍ مطلوبة لإحباط هجوم مسلح، والاستعداد لمواجهة من يعرضهم للخطر، وبموجبها أحبطت عدة هجمات طعن وإلقاء قنابل (مولوتوف)، دون توافر ضمانات بالنجاة من الهجمات الفلسطينية.