في الوقت الذي بدأ العد التنازلي لإمكانية أن يفقد بنيامين نتنياهو "عرشه" الذي جلس عليه ما يزيد على 13 عاما، فإن حقبته الطويلة في الحكم تشكل مناسبة للحديث عن الأنظمة الملكية والديكتاتوريات، ويمكن استخدام هذه الحقبة التاريخية من حكمه كأمثلة حديثة لهذه الأنظمة التي اعتقد الإسرائيليون أنها من التاريخ.
يمكن رصد عدد من المؤشرات التي تتحدث عن ظاهرة "بيبي نتنياهو"، التي سمحت له بالاستيلاء على السلطة، أولها خلق عدو خارجي، من خلال بث التهديد الوجودي للإسرائيليين لجعلهم خائفين، وهو ما استخدمه لسنوات عبر الحديث الدائم عن التهديد النووي الإيراني كتهديد وجودي لـ(إسرائيل)، ثم وصل "وباء كورونا"، ما جعل من الممكن إعلانه تهديدا وجوديا لجميع الإسرائيليين.
المؤشر الثاني لحقبة نتنياهو هو إيجاد عدو داخلي، من خلال التهديد والترهيب من أقلية عرقية أو سياسية تهدد بالسيطرة على (إسرائيل)، وتفكيكها، وجاء المؤشر الثالث عبر التهديد بالفوضى، بحيث يجعل من الممكن تخويف الإسرائيليين من فقدان السيطرة، تمهيدا لخلق حالة من الفوضى، زاعما أنه الوحيد الذي يهدئ العوامل المضطربة، ويخلق وهم السيطرة والاستقرار.
المؤشر الرابع هو إعلان حالة الطوارئ، وهي رابط رئيس يسمح بإصدار التشريعات المقيدة لحرية عمل الإسرائيليين، وتسمح بزيادة نطاق عمل نتنياهو، وتحت رعاية "أزمة كورونا" صدر أمر تنصت برعاية جهاز الأمن العام- الشاباك، ووُضِع الإسرائيليون تحت المزيد من إجراءات الإغلاق، وحظر الرحلات الجوية.
المؤشر الخامس هو التشريعات التي منحت نتنياهو شرعية تحويل النظام من ديمقراطية إلى دكتاتورية تحت رعاية "حالة الطوارئ"، وبالضبط مثل ارتفاع درجة حرارة الضفدع في الماء، سنَّت (إسرائيل) في عهده القانون وراء القانون.
شكَّل انتهاك حقوق الإنسان سمة سادسة من سمات حقبة نتنياهو، من حيث الإدمان على إصدار أوامر الطوارئ، وانتهاك الخصوصية وحرية التنقل والاعتقالات الكاذبة والمراقبة، ثم جاءت ظاهرة إلغاء الفصل بين السلطات مؤشرا سابعًا لتركيز كل الصلاحيات بيد نتنياهو، بإضعاف الهيئة التشريعية، وتشتيت المعارضة، وتبعية القضاء.
يعد خلق الولاء داخل مؤسسات الدولة الإسرائيلية سمة ثامنة من حقبة نتنياهو، عن طريق الاستبدال التدريجي للمسؤولين عن النظام وقادة الأجهزة الأمنية ورؤساء نظام القضاء، وتتم هذه العملية تدريجيًا على مر السنين، حيث استبدل كبار الضباط والجنرالات، وعيّن قضاة مريحين له، ومارست السلطة التنفيذية مهام الشرطة للتهديد والمضايقة وحرمان المتظاهرين ضده من حقوق الإنسان.
السمة التاسعة من مرحلة حكم نتنياهو كانت تقديم المعلومات الخاطئة، ودورها في إرباك الإسرائيليين، وخلق عدم الأمان تجاه المعلومات الحقيقية، أما المؤشر العاشر لحقبة نتنياهو فتمثل في تنامي ظاهرة المستفيدين من حكمه ممن يأخذون بعين الاعتبار ما سيحصلون عليه من دخل مالي، وحقوق وامتيازات، ونفوذ متنامٍ، ومنافع سياسية.