فلسطين أون لاين

لا تُلحق الضرر فتأثم

المشاركة في الانتخابات أمانة فلا تتنازل عن حقك

...
غزة- ريما عبد القادر:

أصبح الحديث عن الانتخابات من الموضوعات الشاغلة التي أخذت حيزًا كبيرًا في ذهن المواطن، ونظرًا لأهمية هذا الأمر، وما قد يترتب عليه من تحقيق مصلحة للشعب والقضية الفلسطينيين، فهذا يستدعي أن يستشعر المواطن أهمية هذه الانتخابات، وأن دوره مهم جدًا في اتخاذ القرارات المصيرية التي لا تتعلق به فحسب؛ بل ترتبط بوطنه وعقيدته.

وعلى الرغم من ذلك فإن بعض المواطنين قد لا يدركون أهمية دورهم، ما يجعلهم يحجبون أنفسهم عن التسجيل في الانتخابات، وبذلك يفقدون حقهم في التصويت واتخاذ القرار... فما الرؤية الشرعية من موقف المواطن عند عدم المشاركة، وما الضرر المترتب على ذلك؟

يشار إلى أن لجنة الانتخابات المركزية أعلنت بدء عملية التسجيل للانتخابات الفلسطينية 2021، وتستمر حتى الـ16 من الشهر الجاري.

وحتى أمس بلغ عدد المواطنين المسجلين للانتخابات 2,401,406، من أصل 2,809,119 بنسبة 85,49%، وفق بيانات لجنة الانتخابات المركزية.

"أبو جهاد" (59 عاما) يقول إنه اتخذ قرارا ليس بعدم تسجيله في السجل الانتخابي فقط، بل دفع أبنائه للخطوة ذاتها.

وحينما سألته صحيفة "فلسطين" عن سبب ذلك، كانت إجابته سريعة بالقول: "هل مشاركتي أنا وأولادي ستؤثر في مجريات الانتخابات؟".

وبعد أن أنهى ترتيب البضائع على بسطته منتظرًا قدوم الزبائن، أخذ يتحدث بصوت منخفض: "أنا رجل بسيط، وما الي في السياسة".

ألا تخشى أن يلحقك إثم عند عدم مشاركتك، ومنعك لأبنائك أيضًا؟ في هذه اللحظة ارتسم على ملامحه الاستغراب والسؤال مباشرة: "وهل يمكن أن يلحقني إثم بسبب عدم المشاركة؟".

حق وأمانة

أستاذ الفقه المقارن وأصوله د. ماهر السوسي يقول:" إن التسجيل في الانتخابات حق لكل مواطن، وبه يستطيع انتخاب الأصلح لإدارة المجتمع وتيسير أموره".

ويتابع لصحيفة "فلسطين" عن أهمية مشاركة المواطن في الانتخابات:" لقد جعل الله تعالى هذا الأمر أمانة ينبغي أن يحرص عليها كل إنسان مسلم لتكون له مساهمة في تحقيق المصلحة العامة التي تنسجم مع كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم".

ويشير السوسي: "كل من يتقاعس عن هذه الأمانة فإنه يكون سببًا في وصول إنسان غير كفء لإدارة شؤون المجتمع، وبذلك فهو يساهم مباشرة في إلحاق الضرر".

ويستدل على نهي الإسلام عن الضرر بما ورد في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقد أصبح هذا الحديث قاعدة مهمة ومشهورة في الشريعة الإسلامية: "لا ضرَرَ ولا ضِرارَ".

وعن الحكم الشرعي الذي يترتب على الضرر يبين قائلًا: "لا يجوز لأي مسلم أن يلحق الضرر بالوطن نتيجة تقاعسه عن استخدام حقه في انتخاب الإنسان الكفء الذي يستطيع أن يقوم بدور فاعل في قيادة المجتمع، وتحقيق التنمية له".

يذكر أنه في حال التقاعس وأدى ذلك إلى حدوث ضرر فإنه يلحقه إثم، معقبًا عن ذلك بالقول: "لأن القضية ليست قضية إنسان واحد يتخلى عن حقه في التصويت، بل سيكون هنالك غيره الكثير يفعلون مثله، وهذا سيؤدي إلى التأثير في نتائج الانتخابات في عدم اختيار الكفء".

ويتابع:" المشاركة في الانتخابات فرض كفاية، لكن لا بد أن يعلم المواطن الذي لا يشارك في الانتخابات أن بجانبه متقاعسين كثيرين، وفي حال تم انتخاب شخص غير كفء، وترتب على هذا الفعل ضرر سيؤدي ذلك إلى أن يأثم كل من لم يشارك بالتصويت في الانتخابات".

المصلحة العامة

ويتذرع البعض لعدم المشاركة بالانتخابات "بعدم تحقيقها مصالحهم بشكل فردي"، وعن ذلك يقول السوسي: "الانتخابات ومنها التشريعية تتعلق بوصول مجموعة من ممثلي الشعب الذين يمكنهم أن يعملوا على تحقيق مصلحة المجتمع عامة، وليس تحقيق الرغبات الشخصية بشكل فردي".

وبناء على ذلك فإن الإنسان الفلسطيني دوره كبير جدا، وعليه ألّا يسمح لأحد بالعبث في عقله المحب لوطنه، أو أن يقلل من همة مشاركته في التصويت الذي هو أمانة وحق، ستسأله عنها الأجيال القادمة، وسيكون له شاهدا في صحيفته يوم القيامة.