فلسطين أون لاين

​"وزارة الصحة" في رام الله هل تُلقي سمعاً لمناشدة الأب؟

مرضٌ نادر ألَّم بأختين.. وتوقف توريد الحليب نكسَهما

...
غزة- مريم الشوبكي

يقف طلعت بلاطة عاجزاً أمام ما تعانيه ابنتاه من مرض وراثي نادر، فرضَ عليه توفير حليبٍ خاص باهظ الثمن؛ الأمر الذي أرهقه مادياً طيلة تسع سنوات، ونتيجة لتراكم الديون توقف عن شرائه؛ مما أدى إلى أن تصاب ابنته نور بضمور في المخ.

ويخشى الرجل أن يكون مصير ابنته الأخرى التي لم تتجاوز العامين مفجعاً كأختها؛ في حال توقفت عن تناول الحليب نتيجة وقف توريد الحليب الخاص بالأطفال في قطاع غزة من قبل وزارة الصحة في رام الله منذ ثلاثة أشهر.

وتعاني الطفلتان من مرض وراثي يدعى "tyrosinemia" نتيجة نقص أنزيمٍ محدد، مما يتسبب في خلل في وظائف الكبد والكلى قد يتسبب في فشل كبدي أو كلوي في حال عدم الالتزام بالعلاج، علماً بأنهما تحتاجان إلى متابعة مستمرة في عيادة الوراثة؛ بالإضافة إلى تحاليل دورية للدم وصورة تلفزيونية للبطن.

وتجدر الإشارة أنهما الحالتان الوحيدتان في القطاع، وتحتاجان إلى حليب خاص كي تستقر حالتهما الصحية.

وتابع بلاطة لـ"فلسطين": "نور وأختها تحتاجان 13 علبة حليب شهرياً وثمن الواحدة منها 450 شيكلا، ولا يمكن أن تتوقفان عن أخذه ولو ليوم واحد، ويتوجب أن تستمرا في تناوله مدى الحياة".

وأضاف: "منذ تسع سنوات أشتري لطفلتي الكبرى الحليب على حسابي الخاص، ولكن نتيجة مروري بظروف اقتصادية صعبة لم أستطع توفيره لها، مما سبب لها بمضاعفات نتج عنها إصابتها بضمور في المخ".

ويشفق المرء على حال الرجل وهو يتابع حديثه: "حينما علمتُ بتوقف توريد الحليب لغزة تملكتني مخاوف كبيرة على حياة طفلتي، حيث إنهما لا تستغنيان عن الحليب، كما لا يمكن أن تتناولا أي حليب بديل".

وأشار إلى أنه في ظل توقف توريد الحليب، اتخذ خطوات تقشفية اتجاه جرعات الحليب التي تتناولها البنتان، حيث أنقص الجرعات لتقتصر على جرعة واحدة فقط خلال اليوم.

وقال بلاطة: "كمية الحليب المتوفرة لدي قد تنتهي خلال شهر، ولتعويضهم عن نقص الحليب يتناولون الفاكهة حتى تفرج الأزمة ويتم إدخال الحليب لغزة".

ولفت بلاطة إلى أنه قبل عام قامت وزارة الصحة بصرف الحليب لطفلتيه، حين تراكمت عليه الديون لأسعاره المرتفعة.

وبالإضافة إلى ذلك تحتاج طفلتا بلاطة إلى دواء يتم توريده من مستشفى المقاصد إلى غزة ويدفع عليه جمركا بقيمة 1000 شيكل كل شهرين، وتوقفه يعني انتهاء حياتهما.

ونبه إلى أنهما تحتاجان إلى تلقي العلاج في مستشفى المقاصد كل شهرين، لإجراء فحوصات دورية لهما، ولكن طفلته الصغيرة ممنوعة أمنياً من السفر مع والدتها.

وناشد بلاطة الجهات المعنية بالنظر بعين الرحمة للأطفال المرضى الذين لا ذنب لهم بالمناكفات السياسية والتي ما تلبث أن تنقلب سلباً على المرضى.

إعاقة أو وفاة

وفي ذات السياق بين مستشار وزارة الصحة في طب الأطفال وحديثي الولادة بغزة د. نبيل البرقوني أن الحالات التي تحتاج إلى حليب خاص، تعاني من أمراض التمثيل الغذائي، حيث يتم توريده من الضفة والداخل المحتل.

ولفت د.البرقوني لـ"فلسطين" أن الشركات الخاصة هي التي تستورد الحليب عن طريق وزارة الصحة في الضفة الغربية، والكميات التي يتم توريدها ليست كافية ولكنها بالكاد تسد الرمق.

ونبه إلى أن انقطاع الحليب الخاص لهذه الحالات ينذر بالتسبب بإعاقة جسدية، أو حركية ، أو سمعية، وفي حالات أخرى انقطاعه يؤدي إلى دخول الطفل في غيبوبة مستمرة تؤدي الى الوفاة.

وأشار إلى أن الحليب الخاص لعلاج أمراض التمثيل الغذائي غير متوفر في القطاع الخاص لارتفاع ثمنه، لأنه يختلف عن الحليب الصناعي العادي وحليب الأم؛ إذ يخلو هذا من الحمض الأميني الذي يضر الطفل.

وفي وقت سابق أشار مدير عام الإدارة العامة للصيدلة بوزارة الصحة في غزة، د. منير البرش، إلى احتمال "التوقف عن تقديم العلاج" لـ (240) طفلًا يعانون من أمراض نقص في "الأنزيمات"، ما لم يتم توريد الحليب المخصص لهم"، موضحًا أن الطفل الواحد يحتاج شهريًا إلى علبتين من الحليب "العلاجي" على الأقل.

ونوه إلى أن احتياطي الحليب في مستودعات غزة شارف على النفاد وهو ما يعني إضافة الأطفال المرضى إلى سجلات المعاقين، متوقعًا أن يتم الاعلان رسميًا عن وقف تقديم الحليب للأطفال في الفترة المقبلة.

وحذر د.البرش من أن هذا النوع من الحليب العلاجي هو ثاني أنواع الأدوية التي توقفت الوزارة عن تقديمها للمرضى، بعد منع العقاقير المخصصة لمرضى السرطان.