فلسطين أون لاين

آن الأوان لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين

بعيدًا عن التعقيدات القانونية والإجراءات القضائية، لم تخفِ الأوساط السياسية والأمنية والعسكرية الإسرائيلية قلقها من خطورة قرار محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، التصديق على الشروع في تحقيق في ارتكابها جرائم حرب، بالضفة الغربية وقطاع غزة وشرقي القدس.

يعتقد الإسرائيليون أنه بعد سنوات من المتابعة والمطالبات، تحقق للفلسطينيين ما كانوا يسعون إليه، بصدور القرار الدولي على أمل أن يحشر (إسرائيل) في الزاوية، ويجبي أثمانًا منها، ما يشكل لهم إنجازًا أملوا تحقيقه منذ أكثر من عقد في المواجهة معها على الساحة الدولية، ويأتي القرار الأخير إشارة إلى أن القطار قد غادر المحطة بالفعل.

القناعة الإسرائيلية السائدة بأن محكمة لاهاي في النهاية زودت الفلسطينيين بالبضاعة التي يحتاجون لها، لأنهم سعوا منذ سنوات لاستحضار الساحة الدولية للضغط على (إسرائيل) بطريقة تدفعها للزاوية، ولا تترك لها خيارًا، وتحملها ثمن سياساتها وأفعالها، لأنها تقوض أي فرصة لاتفاق على أساس حل الدولتين.

هذا القرار يأتي بعد مسلسل طويل من خيبات أمل الفلسطينيين من الساحة الدولية، فعشرات ومئات قرارات الأمم المتحدة على مدى السنوات بشأن القضية الفلسطينية والصراع مع (إسرائيل) ظلت مغبرة في أقبية أرشيف المنظمة الدولية في نيويورك، لكن الآن، بعد غياب إدارة ترامب، هناك شرارة أمل جديدة للفلسطينيين من طريق هيئة دولية لها أظافر وأسنان، قد تردع (إسرائيل).

القراءة الإسرائيلية للقرار الدولي تعني احتمال حدوث زلزال سياسي فيها، لأنه من المفترض أن تحقق المحكمة بجرائم الحرب التي ارتكبتها في حرب غزة الأخيرة 2014، ومشاريع البناء في المستوطنات التي تُعرّف بأنها "جريمة حرب" في دستور المحكمة، ولديها سلطة إصدار أوامر اعتقال في الخارج ضد المسؤولين الإسرائيليين، من المستويات السياسية والعسكرية العليا.

التهديد المحتمل الذي سيحلق فوق رؤوس كبار المسؤولين الإسرائيليين الذين سيزورون إحدى دول معاهدة روما البالغ عددها 122 دولة، هو بالضبط الرادع الذي أراد الفلسطينيون تحقيقه، حتى لو لم يكن في المدى القريب، أو على الأقل غرس شعور بالخوف في نفوسهم، بعدم التجول بسهولة خارج (إسرائيل)، حتى لو أثبتت أنها حققت في الجرائم المنسوبة إليها بطريقة ترضي المحكمة، وتتجاهل التحقيق الدولي، فإنها ستواجه صعوبة في مواجهة تحدي القرار الجديد.

صحيح أن الطريق لإصدار أوامر القبض، وتقديم لوائح الاتهام بحق الإسرائيليين سيكون طويلًا، وقد يستمر إلى الأبد، أو ينتهي بلا شيء، لكن هناك عدد غير قليل من المسائل التقنية، والأمور الأساسية التي تتطلب أيضًا وقتًا، لا سيما مع انتظار موقف الإدارة الأمريكية بشأن الرد على قرار المحكمة بفتح تحقيق ضد (إسرائيل)، وعلى أي حال، إن التهديد من لاهاي بدأ ينشأ تدريجًا أمام أعين الإسرائيليين، وسوف يتسبب بقدر كبير من المتاعب لهم.