يوجدون على الأرض بقوة الإرادة، ولهم قوة عسكرية فاعلة في ميادين غزة، ولهم القدرة على قصف تل أبيب بالصواريخ، وشاركوا في كل معارك الشرف التي تصدت للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، هم جزء من غرفة العمليات المشتركة، وكان لهم حضور فاعل في مسيرات العودة، ويوجدون وسط الجماهير بحسن سيرتهم، وطيب سلوكهم، ولبعض قيادتهم ماضٍ مشرف في مقاومة المحتل في السجون الإسرائيلية.
تنظيمات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تعمل عسكرياً وسياسياً وجماهيرياً تحت عدة مسميات، ومنها على سبيل المثال: لجان المقاومة الشعبية، والجبهة الشعبية القيادة العامة، ومنظمة الصاعقة، وحركة المقاومة الشعبية، وحركة الأحرار، وحركة المجاهدين، وحركة النضال الوطني، وهذه التنظيمات لا يسمح لها بالوجود في الضفة الغربية ومقاومة الاحتلال، ولأن هذه التنظيمات لا تعترف بإسرائيل، فهي غير معترف بها من منظمة التحرير.
تنظيمات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أصدرت بياناً تستنكر فيه تجاهل وجودها، وعدم توجيه الدعوة لها للمشاركة في حوارات القاهرة، في الوقت الذي وجهت فيه القاهرة الدعوة لعدد من التنظيمات الفلسطينية المشاركة ضمن منظمة التحرير، التي لا تشكل وزناً جماهيرياً، ولا توجد عسكرياً على الأرض، وبعضها لم يطلق يوماً رصاصة واحدة على الاحتلال الإسرائيلي، ويقتصر وجودها على اسم التنظيم، واللائحة الداخلية، وأعضاء المكتب السياسي، مع بضعة أفراد يعملون في المكاتب؛ هم أقرب إلى موظفين منهم إلى ناشطين سياسيين.
عدم توجيه الدعوة لتنظيمات المقاومة للمشاركة في حوارات القاهرة فيه ظلم للحقوق السياسية الفلسطينية، وفيه اعتداء مبكر على الإرادة الفلسطينية المقاومة الاحتلال، وهذا مؤشر سلبي، ودليل على عدم توافر النوايا الطيبة للتوافق الفلسطيني، ورسالة شؤم إلى الشعب الفلسطيني الذي يتمنى نجاح حوارات القاهرة، لكي يذهب إلى انتخابات ديمقراطية يشارك فيها الكل الوطني، انتخابات نزيهة بعيدة عن تسلط المال الخارجي، والدجل السياسي، انتخابات تنأى بنتائجها عن تسلط المحكمة الدستورية، وقرارات الرئيس الأخيرة بحق القضاء.
عدم توجيه الدعوة لتنظيمات المقاومة إلى حوارات القاهرة ليس قراراً مصرياً محضاً، وإنما هو اعتراض رسمي من حركة فتح على هذه التنظيمات، بدعوى أنها موالية لحركة حماس، أو أنها حملت سلاح المقاومة في زمن المفاوضات، وزمن التخلي عن المقاومة المسلحة، لذلك ترفض مشاركتها في أي لقاءات أو حوارات فلسطينية، وترفض مشاركتها في حوارات القاهرة، لئلا يشكل صوتها قوة دعم لتلك الأصوات التنظيمية التي تطالب بأفق مقاوم للانتخابات.
تنظيمات المقاومة في قطاع غزة، التي أصدرت بياناً تستنكر فيه استثناءها من حوارات القاهرة، وتؤكد فيه القيم الفلسطينية، هذه التنظيمات أمام فرصة تاريخية لفرض نفسها في الميدان، وذلك من خلال توافقها على قائمة انتخابية موحدة تشارك في انتخابات للمجلس التشريعي، قائمة وطنية إسلامية تفرض نفسها في الميدان الانتخابي كما فرضت نفسها في ميدان المقاومة، وأزعم أن روح التحدي التي تسري في مفاصل شعبنا لن تخذلهم، وستتحرك باتجاه الصناديق لدعمهم، ولن يتغافل شعبنا في الضفة وغزة عن فعل الرجال الشرفاء، ولن يساوي بين اليد التي تطلق النار على المخابرات الإسرائيلية، واليد التي تمتد بالتنسيق الأمني للمخابرات الإسرائيلية.