زادت الاعترافات الإسرائيلية بأن دولة الاحتلال باتت غارقة بالفساد، وإن المزيد والمزيد من الإسرائيليين أصبحوا يتقبلون ظاهرة الفساد الحكومي في مؤسساتهم، وتنامت القناعات الإسرائيلية المتزايدة بأن جميع حكامه ومسؤوليه فاسدون، ولا توجد شخصيات عامة نظيفة، والجميع مدفوعون بالمصالح الشخصية، وكل شيء يترجم إلى أموال كبيرة ونفوذ، وهكذا يصاب الجميع بالفساد.
في عصر الأخبار السريعة، كلما ظهرت قضية فساد إسرائيلية، هناك من يسارع إلى مقارنة "إسرائيل" بدول العالم الثالث، وبات الجمهور الإسرائيلي مرتبكًا، وفي أحسن الأحوال لم يعد يعرف كيف يميِّز بين الحقيقة والكذب، وفي أسوأ الأحوال لن ينجح في أي شيء، لأن التقديرات المتزايدة في أوساطهم تتحدث عن تزايد خطير في قضايا الفساد، ولوائح الاتهام الشديدة، ما يجعلهم مقتنعين بأنهم في دولة كل مسؤول فيها فاسد، ما يجعل من هذا الفساد سببًا وجيهًا بما يكفي لعدم اختيار مرشح معين في الانتخابات الإسرائيلية القادمة.
الفساد الإسرائيلي ليس موجودًا فقط على الساحة الحكومية والوزارية، ولكن أيضًا في السلطات المحلية والبلديات، ولذلك انتخب عدد غير قليل من رؤساء السلطات المحلية رغم وجود علاقة أو أخرى تحوم فوق رؤوسهم بالفساد.
وصل الأمر أنه عندما يمر كل يوم في (إسرائيل) دون كشف قضية فساد، يعد يومًا ضائعًا، ولا عجب أن مؤشر الفساد العالمي لعام 2020 الذي نشرته منظمة الشفافية الدولية، حصلت "إسرائيل" على درجة 60 من أصل 100، وهي ليست بعيدة عن الخط الأحمر، وفي ما يتعلق ببلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تظهر صورتها أكثر قتامة، حيث تحتل المرتبة الـ25 من بين 37 دولة.
بدأ الخطأ الأساسي في "إسرائيل" عندما استُخدمت السلطة العامة استخدامًا غير لائق للترويج لزعيم واحد على حساب الآخرين، وخصصت موارد الدولة لسيئ السمعة، واستخدامها لتجميع الثروات والرحلات الجوية والهدايا والأراضي والشقق.
ساهمت الأنظمة والمؤسسات السائدة في إسرائيل مساهمةً كبيرة في تطوير الفساد فيها، في ظل وجود قوانين لا تمنع انتشاره، مثل إمكانية عودة شخص مُدان بجريمة مشينة إلى الحياة السياسية، ما يدفع الجمهور الإسرائيلي للتسامح تجاه السلوك الإجرامي للفاسدين، ويعيد للحياة السياسية العامة من جلسوا في السجن، وأدينوا بالفساد العام، ولعلهم لن يتفاجأوا إذا ترشَّح وفاز عدد منهم في الانتخابات القادمة.
بل إن سلوك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في التشهير والتحريض ضد المؤسسات الحكومية يقدم مساهمة كبيرة في فقدان الثقة، وعندما لا توجد ثقة في الهيئات المسؤولة عن تحديد من هو فاسد ومن ليس فاسدًا، فإن الوضع يمكن أن يتدهور في "إسرائيل"، وهو الحاصل فعلًا!