تبدو لافتة ظاهرة تزايد التحذيرات والمخاوف الإسرائيلية من تفاقم حالة الكراهية الداخلية داخل المجتمع الإسرائيلي؛ لأنها ستؤدي بهم إلى الهاوية، في الوقت الذي يحيون فيه قريبًا اليوم الدولي للذكرى الـ76 للهولوكوست.
يحيي اليهود اليوم هذه الذكرى، وفي (إسرائيل) نفسها ينتشر وباء الكراهية الداخلية، وفي حين يسقط بوباء كورونا آلاف الأشخاص، ويشل الاقتصاد شللًا شبه كامل، ويغير أسلوب حياتهم، ومع اشتداد تهديدات إيران؛ فشلت (إسرائيل) في محاولة الحفاظ على الوحدة الوطنية فشلًا ذريعًا.
يعيش الإسرائيليون مرة أخرى في دوامة مشتركة من الوباء والانتخابات، وكأنهم يحيون حالة من الجنون الحقيقي، ما ينبغي أن يكون علامة حمراء لدى دوائر صنع القرار، وتذكيرًا بأنهم في الطريق إلى الهاوية، لكنها هذه المرة ليست بالضرورة بسبب أعدائها، ولكن بسبب الكراهية الداخلية المتزايدة، وعبر عنها بالفعل بالعنف الجسدي في الشوارع، في هذه الحملة الانتخابية المثيرة.
الأخطر مما تقدم تواتر الاعترافات الإسرائيلية بوصول الكراهية بينهم في هذه الحملة الانتخابية الإسرائيلية المقبلة إلى ذروتها، أي أنها ما زالت تنتظرها، لأن أحداث الأيام الأخيرة أثبتت أن هذا هو الشكل الذي ستبدو عليه الانتخابات القادمة، وتحمل الكثير من الكراهية، وقليلًا جدًّا من المحتوى الأيديولوجي، إن وجد.
لا يزال هناك المزيد من تسليط الضوء أمام الإسرائيليين على واقعهم الأليم، لأن هذا ما تبدو عليه ديمقراطيتهم القبيحة، وبات واضحًا أن قمة الوقاحة ما زالت أمامهم، ما يعني أن دوائر الكراهية بين الإسرائيليين أوسع بالفعل مما نراها الآن، لأنها تحمل كثيرًا من مؤشرات الاشمئزاز والازدراء اللذين يتبادلهما ناخبو الأحزاب الإسرائيلية.
لقد دأب النشطاء السياسيون والحزبيون الإسرائيليون في الآونة الأخيرة على وصف منافسيهم بالعديد من التعبيرات الفظة، وكأنهم أمام طغمة عسكرية لا يمكن إيقافها، وتريد العودة إلى السلطة في (إسرائيل)، بأي ثمن، حتى لو كان تشويه سمعة المعسكر الموازي، والنتيجة خشيتهم من أن الإسرائيليين ذاهبون إلى قاع الهاوية، وإمكانية تجدد الحرب الأهلية التي منع اندلاعها مناحيم بيغن رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل.
خلاصة القول إن إمكانية تجدد حوادث العنف الداخلي بين الإسرائيليين لا بد أن تكون نتيجتها النهائية أن تنقلهم إلى هوامش التاريخ، ما يقود للحديث عن البدايات الأولى لهذا المشروع؛ لأن البديل عنه ظهور الانتهازيين المتعطشين للكرسي وقيادة الدولة، وفي هذه الحالة ستشعر إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بالراحة في العمل معهم، وهو ما لا يخدم المشروع الصهيوني من أساسه، بل يضرب في عصبه ومفاصله.