تصدر المحافل العسكرية الإسرائيلية بين حين وآخر ما تقول إنها "خارطة التهديدات" التي تواجهها في الجبهات المشتعلة في المنطقة، ما يدفع سلاح الجو للاستعداد لخوض مواجهة عسكرية كبيرة، بما تحمله من سقوط خسائر بشرية واقتصادية هائلة، بمواصلة تدريباته الأساسية لإعداد قطعه الجوية لشن العدوان ضد قوى ودول أخرى، ما يفسح المجال لعمليات القوات الجوية فيما باتت تسمى "الدائرة الثالثة".
في الوقت ذاته يجد سلاح الجو الإسرائيلي نفسه أمام جملة تهديدات اعتيادية، لا سيما من قطاع غزة، وكذلك الاستعداد ضد السلاح النووي في إيران، ما يتطلب تأسيس البنية التحتية للمعلومات الاستخباراتية، ثم بناء الخطة التشغيلية، دون القدرة على تقديم إجابة واضحة حول ما لدى الجيش من إمكانات تشغيلية خاصة، لكنه على كل الأحوال يعمل ضمن نطاقات الدائرتين الثانية والثالثة.
يرى العسكريون الإسرائيليون أن تنامي التهديدات الأمنية في المنطقة يتطلب من سلاح الجو إجراء تعديلات على الوسائل القتالية، والعمل في دائرة ثالثة ضمن نطاق تعاونها مع الأمريكيين في نقل المعلومات والبنية التحتية، أما أن تقوم طائرات إسرائيلية وأمريكية بمهام قتالية مشتركة، فإن هذا السيناريو قد يكون ممكنًا في السنوات الخمس المقبلة، مع زيادة الكثير من أوجه التعاون التكتيكي والعملياتي ومراكز القيادة والتحكم.
في الوقت ذاته، زاد سلاح الجو من معدل هجماته ضد سوريا، بما فيها ضد أهداف تقع على بعد 500 كم من الحدود الإسرائيلية، في منطقة البوكمال قرب حدود العراق، على الرغم من أن الهجمات كلما ابتعدت عن "إسرائيل" أصبحت أكثر تعقيدًا، لأن حالة عدم اليقين تزداد، والنتيجة النهائية قد تكون 10٪ من إجمالي الجهد المبذول في التخطيط للعملية، ونظرًا لأنه يعمل على مسافات زائدة من "إسرائيل"، فإن "العدو" يزحف نحو حدودها.
في مواجهة إيران التي تحيط بـ"إسرائيل" من جميع الدوائر، فإن استراتيجية "المعركة بين الحروب" هي الأنسب، لأنها إضافة لما تحققه من ربح عملياتي تجنيه "إسرائيل" من إحباط قدرات العدو وخططه وبناء قوته، فإنها تعدها للحرب إذا اندلعت، وإن اندلعت معركة في الشمال فإنها ستكون معقدة، ويحتمل أن يسقط عدد غير قليل من الطائرات الإسرائيلية في أثناء القتال.
يتهيأ الإسرائيليون إلى أنه في أي حرب قادمة سيخسرون المعدات والجنود، ويستعدون لسقوط الطائرات، لأنها تواجه أنظمة دفاع جوي تحاول إسقاطها، ما يجعلها تواجه بالفعل تحديات كبيرة، والفرضية الأساسية تكمن أنه سيكون إصابات وأضرار بقواعد القوات الجوية في الحرب القادمة، وستقع أضرار كبيرة لقواعده العسكرية، ولن تكون الحرب القادمة كالسابقة، لأنها ستشهد ضربات كبيرة، وستكون خسائر، ما سيعمل على تآكل ميزتها النسبية، ومواجهة تحدياتها وتهديداتها.