الفوز بالتزكية يعني عدم وجود منافس أي عدم وجود انتخابات بغض النظر عن الأسباب، فالتزكية كانت ظاهرة جدا في انتخابات مجالس الهيئات المحلية بالضفة الغربية التي جرت بالأمس، وعندما تترشح قائمة واحدة في 181 هيئة محلية وتنتظر اعلان فوزها بالتزكية، وتحصل انتخابات في 145 هيئة محلية فقط الى جانب الاخفاق في تشكيل قائمة واحدة على الاقل في 65 هيئة محلية وعدم مشاركتها الى حين يتم البت بشأنها بقرار من مجلس الوزراء فهذا يعني اننا بحاجة الى لجنة تزكية مركزية تعمل بالتوازي مع لجنة الانتخابات المركزية.
انتخابات دون مشاركة غالبية الفصال لن تؤدي الغرض المطلوب، وحصولها في الضفة دون غزة ستزيد من سلبياتها الخطيرة. الاصل في انتخابات المجالس المحلية كونها مجالس خدماتية ان تكون فرصة لإيجاد كفاءات منتخبة من قبل الجمهور لتغيير الواقع البائس الذي تعاني منه، نأمل ان يحصل التغيير ولكنني شخصيا لا اتوقع ذلك، اما بالنسبة للمواقع التي حصلت فيها التزكية فإنني اتساءل: منذ متى يوجد لدينا كمجتمع عربي زهد في المناصب؟ معقول ان يكون بلده به آلاف المواطنين او عشرات الالاف ولا تخرج سوى قائمة واحدة لتفوز بالتزكية او لا تخرج منها أي قائمة فيؤجل البت في مصيرها؟ هذا أمر غير طبيعي على الاطلاق ولا يجوز تجاهل هذه الظاهرة من جانب من يهمهم الامر في السلطة او حتى في الاعلام الذي لم يحاول حتى تفسيرها.
ومسألة اخيرة لا بد من توضيحها وهي ان البعض يبرر اللجوء الى قوائم التوافق على انها محاولة لتفادي المشاكل المجتمعية، واذا كان التبرير واقعيا فهذا يعني اننا مجتمع لا يؤمن بالديمقراطية، ولكنني اعتقد ان الجمهور الفلسطيني يؤمن بالديمقراطية وقد مارسها فعلا في انتخابات تشريعية ومجالس هيئات محلية ثم اكتشفنا ان الجمهور يستطيع ممارسة الديمقراطية ولكن الساسة هم من يرفضونها ولا يحتملون نتائجها ولذلك لا اعتقد بصحة المبرر آنف الذكر، فأنا مع التوافق لخوض انتخابات حقيقية وليس للفوز بالتزكية، أي لا يجب ان يكون التوافق وسيلة لحرمان الاخرين من ممارسة حقهم الطبيعي في الترشح والانتخاب.