بعد سنوات ترامب المضطربة بدأت السياسة الأمريكية في العودة إلى نهج أوباما، ويبقى الشاغل الرئيس أمام (إسرائيل) يتمثل في قبول بايدن مطالب إيران، وتدهور العلاقات مع السعودية والإمارات، وزرع الآمال لدى الفلسطينيين، ما يتطلب من المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية بدء محادثات تنسيقية مع نظيرتها الأمريكية.
بات واضحًا أن الحكومة الإسرائيلية ستواجه صعوبة كبيرة في التكيف مع إدارة جو بايدن الجديدة، أولها لأن سياسة الخارجية تختلف كليًّا عن إدارة ترامب؛ وثانيها لأنه يُنظر إلى الحكومة الإسرائيلية في الولايات المتحدة أنها من معسكر ترامب، ولأن نتنياهو لديه تاريخ من المواجهات المتضاربة مع إدارة أوباما الديمقراطية، التي كان بايدن إبانها نائبًا له.
لقد رقِّي بعض مسؤولي إدارة أوباما للمناصب الأكثر نفوذًا بإدارة بايدن، وأصبح معروفًا لدى (إسرائيل) أنه سيتعين عليهم إجراء تغييرات بسياساتهم الداخلية والخارجية، ما دفع وزير الحرب بيني غانتس إلى إصدار تعليماته للمقيمين في مكتبه والجيش بتحديد القضايا الأمنية والإستراتيجية المثيرة للجدل مع الإدارة الجديدة في المقام الأول.
تسعى وزارة الحرب الإسرائيلية لصياغة توصيات للطلبات والمقترحات والمطالب ضمن التنسيق والتعاون الأمني مع واشنطن، وهي توصيات متعلقة بالسلوك الإسرائيلي تجاه الإدارة الجديدة، وهذه الأيام تناقش القضايا الحاسمة بمجلس الوزراء السياسي والأمني برئاسة نتنياهو، وتعد مؤسسة الدفاع ومجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية ومجتمع المخابرات المواد الأساسية وتقدم توصياتها، وتحدثها بالحقائق النهائية.
كما استمرت اللجنة المشتركة للقيادتين الأوروبية والأمريكية للجيش الإسرائيلي، التي تشمل الشرق الأوسط، في الاجتماعات التي يجلس فيها مسؤولون كبار من البنتاغون ووزارة الخارجية مع نظرائهم الإسرائيليين، وحان الوقت لتفاهم متبادل عميق بينهما، والاتفاق على الخطوط العريضة للعمل التي لا تعتمد بالضرورة على هوية من يجلسون في البيت الأبيض، أو مقر إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي.
تشكل القضية الفلسطينية ملفًا جديدًا من الخلافات الإسرائيلية الأمريكية، فليس متوقعًا أن يلغي بايدن قرار نقل السفارة إلى القدس، والاعتراف بالسيادة على الجولان، وهناك قلق من أنه مع إنشاء دولتين على أساس الخطوط العريضة لخطة بيل كلينتون، سيمنح الفلسطينيون أملًا متجددًا للضغط على (إسرائيل) بمساعدة واشنطن.
من المتوقع حدوث مواجهات في الحكومة الإسرائيلية مع الإدارة الأمريكية القادمة بشأن مزيد من القضايا الخلافية، ومنها الوضع في الضفة الغربية، واحتمال تنفيذ عملية عسكرية كبيرة في قطاع غزة، مع أن الجدل في القضايا المذكورة لن ينشأ على الفور، إذ ستنتظر الإدارة الجديدة في واشنطن بضعة أشهر قبل الشروع بجدية في محاولة حل الصراع مع إيران، أو الخوض في القضية الفلسطينية.