مع بدء العام الجديد، أصدرت الدوائر البحثية والسياسية الإسرائيلية المزيد من تقاريرها لرصد التهديدات التي تواجه إسرائيل في 2021، بحيث لم يُعد من المستبعد أن تواجه تحديًا أمنيًّا خارجيًّا من خلال حساب مفتوح مع إيران، ورغم ما تزعمه إسرائيل عن ردع أعدائها عن محاربتها، فقد تؤدي الأحداث الأمنية إلى تصعيد غير مخطط له.
على صعيد التهديد الداخلي، فقد كشفت أزمة كورونا نقاط ضعف في إسرائيل: أزمة سياسية عميقة، وشلل حكومي بلا ميزانية، وعملية صنع القرار تمر بمراحل تخريبية، ما أسفر عن تعميق الفجوات بين فئات المجتمع الإسرائيلي، ولأول مرة منذ بدأت المعاهد الدراسية الأمنية بنشر مقاييس التهديدات السنوية الخاصة بها، يظهر التحدي الداخلي كأحد التهديدات الرئيسة الثلاثة التي تهدد مرونة إسرائيل وأمنها القومي.
رغم هذا التحدي الداخلي، فلا ينبغي لإسرائيل أن تخطئ في وهم أن تحدياتها الخارجية قد اختفت، رغم أن لديها ردعًا ضد أعدائها، لكن الجبهات التي تواجهها متفجرة: سوريا ولبنان وقطاع غزة، وفي هذه الثلاثة، ورغم الردع المتبادل بين أطرافها، لكن هناك فرصة للتصعيد والمواجهة والحرب الشاملة، وربما تندلع في أكثر من جبهة في وقت واحد، بما في ذلك مع إيران.
تعيش (إسرائيل) في بيئة من عدم الاستقرار، وصعوبة السيطرة على التطورات، لذلك فإن فرص التدهور تتطلب درجة عالية من الاستعداد، والأهم أن القضية الفلسطينية لم تختفِ أيضًا، كما أن إضعاف السلطة الفلسطينية، ونفوذها، في ظل إقامة علاقات رسمية بين (إسرائيل) والدول العربية قد يحثها على العودة للمواجهة.
أدرجت المحافل الإسرائيلية عددًا من التهديدات الرئيسة وفق ترتيب خطورتها، وحين تحدث عن مواجهة المنظمات المسلحة في قطاع غزة، فهي توصي بوقف إطلاق النار مع حماس، وحل قضية الإسرائيليين المحتجزين لديها، مقابل تحسين أوضاع الفلسطينيين، وبنيتهم التحتية، وفي محاولة للحد من الحشد العسكري.
أما فيما يتعلق بالسلطة الفلسطينية، فمن المتوقع أن تظهر الإدارة الأمريكية الجديدة دعمًا أقل لمواقف إسرائيل مقارنة بإدارة ترامب، ومن المتوقع أن تقنعها الدول الأوروبية باستئناف العملية السياسية، فمصلحة (إسرائيل) بوجود سلطة فلسطينية قوية، وغير معادية، لذلك من الصواب اتباع نهج داعم يهدف لتقويتها باعتباره العنوان الشرعي الوحيد لتسوية مستقبلية، ووضع هدف سياسي للترتيبات الانتقالية.
في المقابل، فإن التهديد العسكري يتمثل بشن حرب الشمال الأولى ضد إيران وحزب الله وسوريا، وهجمات غرب العراق، وهو أخطر تهديد عسكري، صحيح أن الصراع ضد البرنامج النووي الإيراني يشمل فرصة منخفضة لسيناريوهات متطرفة لهجوم بالقنابل، لكنه الاحتمال الأكثر خطورة، لأنه قد يكون احتمالًا لتهديد وجودي لإسرائيل.