يُتداول بين الحين والآخر الحديث عن حرب في المنطقة، تبادر لها الولايات المتحدة ضد إيران، أو حرب يشنها الاحتلال على غزة، أو حرب بين حزب الله والاحتلال، تندلع نتيجة حدث هنا أو هناك.
الحديث هنا يحتاج لمقومات حدوث حرب أو مواجهة، وعن مستوى انغلاق الأفق الذي يحدث في المنطقة، لكن لا شك فإن المنطقة تعيش حالة سخونة على مدار العام المنصرم 2020، ويبقى الباب مفتوحًا أمام إمكانية وقوع الانفجار، لكن كي يقع ذلك بحاجة للنظر للكثير من الاعتبارات التي تختلف من ساحة لأخرى.
في حال أقدمت الولايات المتحدة على شن حرب على إيران ، هذا يعني الذهاب لحرب إقليمية أو عالمية، وتفجر الساحات التي تعمل بها إيران في العراق واليمن وسوريا ولبنان ولن تكون غزة بعيدة عن ذلك، وهذا يعني دخول الاحتلال في المواجهة الشاملة.
لهذا، القرار في هذا التوقيت له اعتبارات أيضًا كثيرة، ترتبط بالتساؤل حول حدوث ذلك مع تولي بايدن الرئاسة، ومدى القدرة على إقرار ذلك خلال أيام ، أو شنها خلال رئاسة ترامب الذي يفترض أن يغادر البيت الأبيض خلال أيام، ومدى توافق القيادة المركزية للجيش الأمريكي على هذه الرؤية، بأنه لم يعد من الممكن السكوت عن تطوير إيران مفاعلاتها، وغيره من الأسئلة المشابهة، حول قدرة الاحتلال على الدخول في حرب مشابهة تمثل نتائجها مجازفة كبيرة.
هذه الاعتبارات تقاس على الدخول في مواجهة بين الاحتلال وحزب الله، وهو يخضع للخطر المتوقع وطويل الأمد لحزب الله على الاحتلال، ومدى القدرة على استيعابه لسنوات قد تحدث فيها متغيرات عدة، داخلية في لبنان أو المنطقة، أو تحييد القوة للتحول إلى قوة ردع يستخدمها حزب الله، ويلتزم الاحتلال قواعد للاشتباك.
هذا لا يمنع أن يبادر الاحتلال لحرب محدودة الأهداف تثبت قواعد الاشتباك بين الجانبين، وتمنع الذهاب لحرب واسعة النطاق تهشم فيها صورة الاحتلال في المنطقة.
أخيرًا يطرح السؤال الجوهري والذي يتداول باستمرار حول حرب على غزة، ويكون الرد بسياق تلك الاعتبارات، لكن تختلف مع غزة لجوانب ترتبط بسخونة الأحداث في الميدان وإمكانية نشوبها نتيجة أي حدث، وتواجدها على طاولة صانع القرار لدى الاحتلال، بسبب استمرار اختطاف الجنود، وتعاظم القوة في غزة، وإمكانية تشكيلها خطرًا دائمًا في قابل السنوات، وهو ما تتحمله (إسرائيل).
لكن هذا يعتمد على متغيرين مهمين: هل تبادر غزة لمهاجمة الاحتلال بسبب حادثة معينة، أو تفجر الأوضاع بسبب استمرار الحصار وتوفر ظروف مشابهة لعام 2014، وهذا غير متوفر حاليًّا رغم سخونة الأحداث والتصادمات والمواجهات خلال مسيرات العودة وما بعدها 2018-2020.
المتغير الثاني هو مبادرة الاحتلال لهجوم واسع على غزة على غرار 2008 و2012 وهذا يحتاج لظروف ملائمة للاحتلال يستطيع أن يحقق من خلفها نجاحًا ملموسًا، وتحقيق هدف محدد سواء إضعاف المقاومة، بحيث يكون ملموسًا وفعليًّا يحدث تغييرًا في حكم وإدارة غزة.
وتبعًا لهذا المتغير ، بالنجاح في فك طلاسم الجنود في غزة والوصول لهم، باعتباره هدفًا يتباهى به الاحتلال.
في ظل المتغيرات يصعب ضمان نجاح الاحتلال في تحقيق ذلك، وعدم القدرة على تحقيق ذاك في المدى السريع والقادم، لاعتبارات واضحة ترتبط بقوة المقاومة ، وتجارب الاحتلال السابقة الفاشلة في معالجة ذلك كما حدث في 2014.
كل ذلك لا يمنع الاحتلال في تحييد الاعتبارات والمتغيرات السابقة سواء بشن هجوم على إيران منفردة بحيث تحقق سبق الانتصار كالدولة القوية في المنطقة، في مجازفة لا تحسب نتائجها، أو تدخل محدود لجانب الولايات المتحدة أو تصعيد في المنطقة محدود يعيد رسم المعادلات مع حزب الله أو غزة، وهو بنفس القدر مغامرة غير محسوبة النتائج.
حديث الحرب من الملفات التي يصعب الحسم فيها لغياب المتغيرات والاعتبارات الواضحة وتحدد نتائجها، يحكمها موازين قوى وأطراف عدة بعضها غير مضمون النتائج.