آخر ما كنت أتوقعه أن يستعين طلبة الجامعات الفلسطينية بطلاب من الهند في تقديم امتحاناتهم الإلكترونية، وهذا أمر يلخص الكارثة التي حلت بالعملية التعليمية وخاصة بالجامعات.
منذ اعتماد نظام التعليم عن بعد والامتحانات الإلكترونية للجامعات في أراضي السلطة الفلسطينية بدأت تتطور تجارة من نوع جديد، حتى أصبحت هناك مكاتب متخصصة في تقديم الامتحانات بدلًا من الطلبة مقابل مبلغ مالي يتراوح ما بين 30 إلى 200 شيقل أو يزيد للامتحان الواحد، بحيث يتولى العاملون في تلك المكاتب تقديم الامتحان نيابة عن الطلبة من خلال الولوج إلى مواقعهم بعد اتفاق مسبق.
طالب من الهند وآخر من الأردن وثالث من غزة يعملون فرديًّا في هذا المجال، وهؤلاء مجرد أمثلة لانتشار هذه الظاهرة المثيرة للقلق في الضفة الغربية، فالتحصيل العلمي لغالبية الطلاب أو لجزء كبير منهم في فترة التعليم عن بعد قاربت من "الصفر"، والمجتمع الفلسطيني سوف يدفع الثمن الغالي لقاء هذا الاستهتار من جانب الجهات المختصة بالعملية التعليمية. يبدو أن الجامعات الفلسطينية لا يهمها سوى جمع الأموال والسلطة لا تعطي المسألة أهمية تذكر والدليل عدم الاهتمام بهذه الظاهرة الخطرة.
قد يقول قائل إنني أبالغ في هذا الموضوع ولكن مقارنة بسيطة بين المعدل التراكمي للطالب قبل كورونا ونظام التعلم عن بعد وبعدها سيظهر ارتفاعًا خياليًّا في المعدل، من أعراض فيروس كورونا فقدان حاستي الشم والذوق ولكن ليس من بينها ارتفاع حاد في ذكاء طلبة الجامعات.
على الجهات المختصة أن تعمل على وقف هذه المهزلة، لأن الخطر يهدد سمعة الجامعات الفلسطينية، ويهدد كفاءة الطلبة والخريجين كثيرًا، وكذلك على الطلبة أن ينتبهوا إلى أنهم يعرضون أنفسهم للضياع، الشهادة دون علم لن تنفع صاحبها ولن تفيد المجتمع، فضلًا عن أن الغش محرم شرعًا ولا بد للطالب الجامعي أن يخجل على نفسه من اعتماده على الآخرين في اجتياز الامتحانات.
باختصار أقول: إن التعليم عن بعد خلق لنا فئة من الطلاب لا تتعلم ولا حتى تستطيع الاعتماد على نفسها في "الغش"، يعني إذا كان الطالب عاجزًا عن إيجاد الجواب من الكتاب فما مصير هذا الجيل؟