يتوافق الإسرائيليون على فرضية أن الدول العربية المطبعة تسعى لاستخدام نفوذ "إسرائيل" في الإدارة الأمريكية، وقد تجلى ذلك ببيع أسلحة متطورة للإمارات، واقتراح إسرائيلي باعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، وصولا إلى الجهود الإسرائيلية لإزالة السودان من قائمة الدول الداعمة "للإرهاب".
الكثيرون في "إسرائيل" يعتقدون أن هذه التطورات لم تحدث دون منح "إسرائيل" موافقتها عليها، وصولا لتطبيع العلاقات معها قبل بضعة أشهر، ما يبرز قدرتها على فرض ثقلها في واشنطن، ومن المرجح أن تكون عاملاً في معادلة الدول العربية التي تفكر بإقامة علاقات دبلوماسية معها، ما يعني أن الضغط الإسرائيلي في واشنطن يعد ميزة تشمل أكثر بكثير من صفقات الأسلحة.
على مدى عقود واجهت الأنظمة العربية الساعية للحصول على أسلحة متطورة من الولايات المتحدة عقبات حقيقية بسبب التزامها الحفاظ على الميزة العسكرية النوعية لـ"إسرائيل" في المنطقة، ما أعطاها حق النقض على إبرام تلك الصفقات، وقد لعب هذا العامل دورًا جزئيًا بتأخير محاولة الإمارات شراء تلك الطائرات، وغيرها من الأسلحة المتقدمة المكافئة للأسلحة الأمريكية المباعة لقوات الأمن الإسرائيلية الحديثة.
من الواضح أن الولايات المتحدة و"إسرائيل" والإمارات أصرت جميعها على أن صفقة الأسلحة، وقيمتها 23 مليار دولار، لم تكن جزءًا من محادثات التطبيع، لكن كبار مسؤولي إدارة ترامب أقروا أن الاتفاقية تضع أبو ظبي في وضع أفضل لقبول مثل هذه الأسلحة المتطورة، كما أن الولايات المتحدة و"إسرائيل" تعرفان أن مبيعات الأسلحة جزء كبير من الصفقة، لأن طائرات إف35 كانت حاسمة بالنسبة للإمارات.
تزعم الدول العربية أن دوافع تطبيعها مع "إسرائيل" لا تقتصر على شراء الأسلحة فقط، بل يمكن استخدام جهود "إسرائيل" في واشنطن لأغراض أخرى، ما يجعل تطبيع العلاقات أكثر إغراءً، على الرغم من المخاطر عليها داخل بلدانها، وعلى الرغم من أن درجة التأثير التي تنسبها الدول العربية لـ"إسرائيل" في واشنطن مفرطة بعض الشيء، مع أن إدارة ترامب ساهمت بتعزيز هذا التصور.
تدرك الدول العربية المطبعة أن نهج إدارة ترامب يعني أنها تستطيع جني أرباح كبيرة مقابل التطبيع، حتى في الأمور التي لا علاقة لها بـ"إسرائيل"، وعند إقامتها علاقات معها، فإنها تشتري تأمينًا ماليًا ضد المخاطر السياسية في حقبة ما بعد ترامب، لأن التطبيع مع "إسرائيل" يحظى بدعم واسع في واشنطن.
يبقى القول إنه ما دام أن نائب أوباما السابق، جو بايدن على وشك تولي منصب الرئاسة فإن الأنظمة العربية التي لا تزال تفكر بالتطبيع مع "إسرائيل" تأمل باستمرار تأثيرها هذا، لكن السؤال ما إذا كان هذا الدعم الإسرائيلي سيكون حاسمًا بطريقة تنقذ هذه الأنظمة من بعض التحديات الداخلية التي تواجهها!