فلسطين أون لاين

تقرير الاحتلال يغذِّي نار الصراع بين المقدسيين وظاهرة العنف تتنامى

...
جنود الاحتلال يتجولون في أحياء مدينة القدس (أرشيف)
القدس المحتلة-غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

أكد مختصان أن الاحتلال يغذِّي الصراعات الداخلية بين المقدسيين ويغضُّ الطرْف عن السلاح الموجود بأيدي الأطراف المتناحرة، مشيريْن إلى أن إغراق المجتمع المقدسي بتلك الخلافات يجعل الطريق مفتوحًا أمام تهويد المدينة المقدسة.

وقُتل ثلاثة مقدسيين وأصيب خمسة آخرون بجروح في شجار عائلي نتيجة إطلاق نار في قرية كفر عقب شمال القدس المحتلة، السبت الماضي.

الكاتب المقدسي راسم عبيدات أوضح أن هناك أزمات داخلية واجتماعية واقتصادية عميقة بين المقدسيين الفلسطينيين يغذِّيها انهيار الأوضاع القيمية والأخلاقية، إذ يعمد الاحتلال الإسرائيلي لنشر الآفات والأمراض الاجتماعية بينهم كالمخدرات.

وقال: "يريد الاحتلال تفتيت النسيج الوطني ونشر الحرب العشائرية، خاصة مع ضعف السلطة الفلسطينية، وعدم امتلاكها الصلاحيات لضبط المجتمع المقدسي أو الوصول إليه".

وعدَّ الحلول العشائرية مجتزأة وغير رادعة لظاهرة العنف وتعمُّق الأزمات الاجتماعية، "وليس هناك حل سوى سيادة القانون".

وأضاف عبيدات أن جهود الشخصيات المجتمعية والدينية للحفاظ على السلم الأهلي تحتاج إلى إسناد فلسطيني رسمي، "مع مواصلة الاحتلال محاولة إسقاط القلعة المقدسية من الداخل، بإحداث شرخ مجتمعي يشغل المقدسيين ببعضهم وينسيهم أسرلة المقدسات".

وأكد أن الاحتلال ينشر السلاح ويغضُّ الطرف عن العصابات والمافيات التي تفرض "الأتاوات" وتهدد السلم الأهلي، وينشر أوكار المخدرات بغضِّ النظر عن المتاجرة بها في الأوساط العربية، في حين يتدخل فورًا لمنع أي متاجرة بها في الأوساط اليهودية.

وقال عبيدات: "هناك أكثر من شاهِد يدلُّ على تجاهل سلطات الاحتلال لموزعي المخدرات  يعملون في المناطق العربية دون اليهودية في مسعى منهم لتعميق أزمة المجتمع المقدسي ونشر الأمراض المجتمعية لإبعاده عن أي قضية وطنية".

وأوضح أن السلطة الفلسطينية لا تمتلك أي سيادة على القدس، إذ تتركز المشاكل في المناطق (ج)، خاصة مع وجود هامشيٍّ للسلطة، ما يكرِّس غياب القانون والعقوبات الرادعة التي تنظِّم السِّلْم الأهلي والمجتمعي.

ليست وليدة اليوم

من جانبه، أفاد رئيس مركز القدس الدولي حسن خاطر بأن الأزمة المجتمعية التي تمر بها القدس لها أسباب عديدة، وليست وليدة يوم واحد، وإنما نتيجة ظروف تراكمية لا يزال الاحتلال عاملًا أساسيًا فيها.

وأوضح أن الاحتلال في القدس والأراضي المحتلة عام 48 يتغاضى عن السلاح الموجود بأيدي الفئات المتناحرة التي يعلم تمامًا بوجودها، وذلك لتغذية الصراع المقدسي الداخلي.

وأشار خاطر إلى أن سلطات الاحتلال تتجاهل الجرائم التي تقع في الأحياء المقدسية الفلسطينية مقارنة بأي حدث يقع في الأحياء اليهودية، حيث تُسجَّل أغلب القضايا ضد مجهول أو تبقى مفتوحة لسنوات طويلة دون الوصول إلى نتائج فعلية، "الأمر الذي يغذِّي الجريمة والثارات بصورها المختلفة، ويدفع بأصحاب المَظْلمة لأخذ القانون بأيديهم؛ ما يؤجج الحالة القائمة".

وأكد أن ما يزيد الأمر سوءًا هو عدم سيطرة السلطة على تلك المناطق، "وإن دخلتها لا يحدث ذلك إلا بتنسيق مسبق مع قوات الاحتلال، حتى إن بعض المناطق كـكفر عقب، وقلنديا تخلو من تواجد شرطة الاحتلال والشرطة الفلسطينية، فتعم فوضى المخدرات وتجارة السلاح".

وأشار إلى أن الجرائم الصغيرة تبلورت على مدى سنوات طويلة على هيئة حالة من الفلتان أجَّجتها عصابات لها مصالح معينة لا تتقاطع مع الوطن، هي وبال على القضية الفلسطينية كما حدث في كفر عقب وسابقًا في جبل الطور والمكبر.

وأعرب خاطر عن أسفه لتلك الأحداث؛ لـكونها المقدسيين إلى متاهات بعيدة عن الهم الوطني والاستيطان، "فالاحتلال يصنع الجريمة صناعةً مباشرةً ويرعاها، ويحرص على أن تنمو وتسيطر على المجتمع المقدسي بكامله".