فلسطين أون لاين

التعليم الإلكتروني.. آفاق وتطلعات

...
د. خالد الصيداوي أستاذ مناهج وطرق التدريس

أيام قليلة تفصلنا عن ختام فصل دراسي، كان لزاماً علينا أن نقف وقفة تأمل وقراءة للواقع ووقفة تطلع لترتيب آفاق المستقبل.

فصل وجدت البيئة التعليمية بكل مكوناتها نفسها مجبرةً على التعامل مع مفردات وآليات التعلم عن بعد، وبالتحديد توظيف وسائل وإستراتيجيات التعليم الإلكتروني.

وأصبح من الواضح أن التعامل مع الوسائل الحديثة في العملية التعليمية مُلحٌّ، فكان من الضروري تكوين رؤية واضحة لتوظيف التعليم الإلكتروني، فهو يعد رافداً مهماً للعملية التعليمية، لكنه ليس بديلاً عن التعليم الوجاهي.

ولكي يحقق التعليم الإلكتروني أهدافه المرجوة لا بد من وصول هذا النوع من التعليم لجميع الطلبة، وهذا الأمر غير متوفر في قطاعنا المحاصر الذي يعاني "عدم انتظام التيار الكهربائي وضعف البنية التحتية لشبكة الإنترنت".

فكان لهذا الأمر الأثر الواضح على العملية التعليمية برمتها، فعشرات الطلبة لم يلتزموا بالتعليم الإلكتروني أصلاً، وهناك طلبة وأولياء أمور لم يأخذوا التعليم الإلكتروني على محمل الجد.

وأعتقد هنا أن العملية التعليمية عملية مبتورة في ظل التعليم الإلكتروني، لأنه بالكاد يوفر النزر اليسير من الاحتياجات الحقيقية لعملية التعلُّم، علاوةً عن فقدان البيئة التفاعلية، وواجه التعليم الإلكتروني معضلة كبيرة حدت من فاعليته ألا وهي فكرة القبول المجتمعي وتقبله لهذا النوع من التعليم وأثر بشكل واضح في طلبة المراحل الدنيا فهم لم يستفيدوا من التعليم الإلكتروني بالشكل المطلوب، تبعاً لطبيعة فئتهم العمرية وقدراتهم في التعامل مع التقنية.

وغاب التفاعل المباشر بين الطلبة والمعلم فالكثير من المهارات تحتاج للتفاعل المباشر، وحرم أيضاً الطلبة من اكتساب القيم والاتجاهات التربوية المرغوبة التي يوفرها التعليم الوجاهي من خلال البيئة الصفية الاجتماعية.

كل المعطيات السابقة تدفعنا للحديث بشكل مباشر عن التحديات التي تواجه العملية التعليمية في ظل توظيف التعليم الإلكتروني ولقد قسمتها إلى ثلاثة أنواع من التحديات وهي كالآتي:

1-تحديات تواجه الطلبة وتكمن في قلة الخبرة لدى الطلبة في التعامل مع التكنولوجيا، وإرهاق الطالب أيضاً بالتركيز لساعات طوال أمام الشاشة، وكذلك عدم توافر بدائل تكنولوجية داخل الأسرة الواحدة، وضعف شبكة الانترنت وعدم توافرها عند البعض، والوضع الاقتصادي العام الذي يعاني منه أهل القطاع الذي حتماً ألقى بآثاره على توظيف التعليم الإلكتروني بالفاعلية المطلوبة.

2-تحديات تواجه الأهالي نذكر منها عدم امتلاك الأهالي المستوى التعليمي المناسب لمتابعة أبنائهم، وكذلك اختلاف المستويات التعليمية للأبناء في الأسرة الواحدة شكل حالة من الإرهاق الكبيرة للأبوين من حيث المتابعة المباشرة من زاوية وتوفير متطلبات التعلم من زاوية أخرى.

3-تحديات تواجه المعلمين حيث أرهق كاهلهم الكم الهائل من المعلومات المراد توصيلها للطلبة فالمعلم يشعر أنه في صراع دائم وشبح إنهاء المنهاج يطارده، وبعض المعلمين يفتقرون لأساليب استخدام التقنية.

ومن هؤلاء المدرسين من لا يؤمن باستخدامها أصلاً في العملية التعليمية معللاً ذلك بالموروث الماضي لمعلمينا الأوائل، ومنهم من ليست لديه خبرة ومهارة في التعامل مع التكنولوجيا.

كذلك انشغال المعلم بشكل كبير بتلقي رسائل ومتابعة الطلبة والأهالي على مدار الساعة فالمتابعة تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين، ومن زاوية مشتركة يحل بعض الأهالي التكليفات لأبنائهم فيجد المعلم صعوبة في الوصول للتقييم الواقعي الحقيقي للطالب.

بدائل التعليم الإلكتروني

وهنا أجد نفسي ملزماً للمرور بشكل سريع على بدائل التعليم الإلكتروني، كبطاقات التعلم الذاتي التي يتسلمها الطالب ويحلها في البيت، والقنوات التعليمية والمنصات الإلكترونية وكان بفضل الله السبق لوزارة التربية والتعليم في إطلاق قنوات ومنصات منها قناة روافد التعليمية وقناة أونروا الفضائية.

وبعد الغوص في أسبار التعليم الإلكتروني والتجوال في جنباته والتطرق لآفاقه وتطلعاته وجب علينا نحن التربويين العمل بشكل جاد وحقيقي للوصول لتفعيل التعليم الإلكتروني من خلال تمكين آلاف المعلمين من استخدام التقنية وتدريبهم عليها.

وأيضًا تطوير كفاءاتهم لأن التطور المعرفي سيجبرهم على ذلك، مروراً بتحمل المؤسسات الرسمية الدور المناط بها بدعم النظام الأساسي للإنترنت وجعله متاحاً للجميع، ولا بد لواضعي المنهاج أن يضمنوا المناهج دروس وأنشطة ووسائل وأدوات من شأنها أن تساعد في استخدام تقنيات التعليم الإلكتروني بفاعلية.

وفي نهاية المطاف لا نغفل مزايا نوع كهذا من أنواع التعليم من تجاوز قيود المكان والزمان وإتاحة التفاعل الفوري بين أركان العملية التعليمية وسهولة الوصول للمعلم خارج أوقات العمل الرسمية.