25 عامًا مرت على استشهاد يحيى عياش المهندس الأول في كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ولا تزال سيرته حاضرة لدى أبناء الشعب الفلسطيني بمختلف فئاته، لكونه رمزًا للعمل المقاوِم والمؤثِّر ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وينحدر عياش من بلدة رافات في محافظة سلفيت بالضفة المحتلة، وولد عام 1966، وحصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية، ويُعدُّ أحد أبرز قادة كتائب عز الدين القسام.
نشأ عياش في كنف أسرة فلسطينية متواضعة في قرية رافات، وتعلَّم حفظ القرآن الكريم في السادسة، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوية، ثم تخرَّج عام 1991 من جامعة بيرزيت في قسم دراسة الهندسة الكهربائية بتميز.
تزوَّج القائد في كتائب القسام من ابنة خالته في سبتمبر/ أيلول 1992، وأنجب طفله الأول براء مطلع عام 1993، وكان حينها مطاردًا، وقبل استشهاده بيومين فقط، رُزق بابنه الثاني عبد اللطيف تيمُّنًا باسم والده.
انضم عياش مبكِّرًا للحركة الإسلامية في فلسطين حتى أُعلن تأسيس حركة حماس، وبدأ مشواره الجهادي عندما اكتشف الاحتلال الإسرائيلي سيارةً مفخخة في منطقة "رامات أفعال" في مدينة "تل أبيب"، وأشار بالاتهام إليه كأحد مدبِّري العملية، ومنذ ذلك الوقت أصبح مطلوبًا للاحتلال.
استفاد عياش من تخصصه في الهندسة الكهربائية، ليتميَّز في تصنيع المتفجرات وتجهيز الاستشهاديين، حيث أصبح في التسعينيات المطلوب رقم (1) لدولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي جنَّدت قواتها وقيادتها لاغتياله أو إلقاء القبض عليه، وهو ما فشلت في الوصول إليه أكثر من مرة.
تنقَّل عياش بين الضفة وغزة، وحاول أن ينشئ جهازًا عسكريًّا قويًّا تتحقق فيه اللامركزية، لكي لا يرتبط العمل العسكري بشخص واحد ويتوقف باستشهاده أو اعتقاله، كما عمل على إنشاء خلايا عسكرية متفرقة وغير معروفة لبعضها البعض.
تولَّى عياش قيادة كتائب القسام، وخطَّط وشارك في العديد من العمليات العسكرية.
وعقب مذبحة المسجد الإبراهيمي في شباط/ فبراير 1994، أدخل عياش سلاح الاستشهاديين إلى المعركة مع دولة الاحتلال، وهو ما شكَّل نقطة تحول في الصراع، واضعًا الاحتلال في أزمة سياسية وأمنية لوقف تلك العمليات.
وفي أثناء ملاحقته نعتته سلطات الاحتلال بالعديد من الأوصاف التي تخفي خلفها العجز عن الوصول إليه، مثل: "الثعلب، الرجل ذو الألف وجه، المهندس".
وبعد محاولات طويلة ومعقَّدة، اغتيل عياش يوم 5 يناير/كانون الثاني 1996 بتفجير هاتفه النقال عن بُعد ومشاركة طائرات للاحتلال، في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة.
وشهدت جنازة عياش مشاركة مئات الآلاف من الفلسطينيين في تشييع جثمانه، في حين بدأت كتائب القسام عمليات الثأر للمهندس، وتمكنت من تنفيذ عدد من العمليات النوعية في عمق دولة الاحتلال.
هاجس التسعينيات
القيادي في حركة "حماس" بالضفة الغربية المحتلة فتحي القرعاوي أكد أن عياش شكَّل في التسعينيات أزمة كبرى لدى جيش الاحتلال، ورئيس الحكومة في ذلك الوقت.
وقال القرعاوي في حديث لـ"فلسطين": "كان قادة الاحتلال كإسحاق رابين، وشمعون بيريز، يسألون قادة الجيش دائمًا في جلسات حكومة المختلفة عن عياش، وآخر التطورات بشأن ملاحقته ومكان وجوده".
وأضاف القرعاوي: "استطاع عياش -وبشهادة قادة الاحتلال- هز الدولة الإسرائيلية بعمليات نوعية إلى جانب قدرته على التخفي".
وأوضح أن عياش لا يزال يسكن في ضمير الشعب الفلسطيني بعد 25 عامًا على استشهاده، ولم يغِب عنهم للحظة واحدة، لما يحمله من رمزية خاصة.
أبرز العمليات
ومن أبرز العمليات التي أشرف عليها عياش، كانت عملية العفولة حيث فُجِّرت سيارة مفخخة عام 1994، والتي نفَّذها الاستشهاد رائد زكارنة، وأدَّت إلى قتْل ثمانية مستوطنين وجرح ما لا يقل عن 30 آخرين.
وتُعَدُّ عملية العفولة أولى الردود على مذبحة المصلين في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل، حيث تقدَّم رائد زكارنة بسيارته المفخخة نحو محطة الحافلات المركزية في مدينة العفولة وتتبَّع الحافلة التي تعمل على خط رقم (348) وعند محطة انتظار الحافلات القريبة فتح السائق بابها الأمامي لصعود الركاب، وفي حينها تجاوز رائد الحافلة وأوقف سيارته على مسافة مترين فقط من مقدمة الحافلة وخلال ثوانٍ، دوَّى صوت انفجار قوي حوَّل السيارة إلى أشلاء تطايرت على بعد عدة أمتار.
وكانت عملية مدينة الخضيرة داخل الأراضي المحتلة عام 1994 والتي نفَّذها الاستشهادي (عمار عمارنة) الذي فجَّر شحنة ناسفة ثبتها على جسمه داخل حافلة، ما أدّى إلى قتْل 7 مستوطنين وجرح العشرات، من أبرز العمليات التي أشرف عليها مهندس القسام.
وأشرف عياش على تفجير حافلة للمستوطنين في شارع ديزنغوف بـ"تل بيب" عام 1994، ونفَّذها الاستشهادي (صالح نزال)، ما أدى إلى قتْل 22 مستوطنًا وجرْح ما لا يقل عن 40 آخرين.