مع مرور عقد على اندلاع ثورات الربيع العربي، عبرت أوساط أمنية إسرائيلية عن اعتقادها بأن عدم الاستقرار الإقليمي، بجانب قوة شبكات التواصل، وتطوير التضامن الاجتماعي، قد يتسبب باندلاع هذه الثورات مجددا، وبقوة.
في ذكراها السنوية العاشرة، تعيد إسرائيل من جديد الكشف أن طريقة اندلاع الاحتجاجات العربية بدءًا بتونس مرورا بمصر ثم اليمن وسوريا وليبيا، فاجأت أجهزتها الاستخبارية، التي لم تعترف بقوة الشبكات الاجتماعية، بجانب الحمم المشتعلة التي شهدتها ميادين التحرير، رغم أن هذه الأجهزة دأبت على الادعاء بين حين وآخر أنها تمتلك الأساليب الأمنية اللازمة لتحليل الأحداث في الشرق الأوسط.
اليوم، يتفق الخبراء الأمنيون الإسرائيليون على أن الربيع العربي لم يتوقف، رغم تغير شكله، وتلاشيه، لكنه قد يندلع مرة أخرى بشكل غير متوقع، ومن المحتمل جدًا أن يكون أكثر قوة في المستقبل، ما دامت الجماهير العربية غير راضية عن أوضاعها الداخلية.
تعطي المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية في ضوء الواقع الناشئ بالمنطقة، هامشا واسعا لنفسها للتقييم الاستخباراتي لتلك الثورات، لأنه في هذا النوع من العمليات التاريخية، يتزايد الاعتقاد أنها قد تستمر على شكل موجات أخرى، مع أن هذه الموجات الأعلى تليها الاضطرابات الإقليمية، ولأن الوضع في الشرق الأوسط أكثر تعقيدًا، فسوف يستغرق وقتًا أطول، رغم أن التعميمات فيما يتعلق بالربيع العربي ليست دقيقة.
لا يتردد الإسرائيليون بالقول إن التطورات العربية تشكل وقودًا للاحتجاجات العنيفة التالية، وما دامت الجماهير العربية لا تحصل على ما تريده من السلطات الحاكمة، فقد يتكرر الربيع العربي كما حدث بميدان التحرير، مع أن ديكتاتوريي الشرق الأوسط، ممن تشبثوا بالسلطة فترة طويلة اكتشفوا أن أمامهم فجأة قوة ضخمة تم تنظيمها بسرعة دون سابق إنذار، ودون أن تتمكن المخابرات الإسرائيلية من الإشارة لبؤرتها المركزية.
لم يسلط الربيع العربي من وجهة النظر الإسرائيلية على رغبة المواطن العربي بتحصيل حقوقه الأساسية والعيش الكريم فحسب، بل أكد تنامي اللاعب غير الحكومي، والقتال دون أسلحة حربية، واستغلال التقنيات المتقدمة.
في النهاية تؤكد التجربة الإسرائيلية مع الربيع العربي في ذكراه السنوية العاشرة أن الواقع في الشرق الأوسط يحظر فيه التنبؤ بما سيحدث غدًا، مع أن هذه الحقبة الزمنية الخطرة ساعدت الاستخبارات الإسرائيلية في تحليل ديناميكيات الشرق الأوسط، لأنه في الماضي، كان هناك ادعاء إسرائيلي أن الديكتاتورية العربية السائدة أفضل من الفوضى التي قد تسفر عن نظام ديمقراطي يرفض إسرائيل، وهو ادعاء ما زال يزداد ويتنامى في أروقة صنع القرار الإسرائيلي التي تدير تحالفات ضمنية وعلنية مع هذه الدكتاتوريات الحاكمة منذ عقود!