فلسطين أون لاين

إضراب الأسرى وبعث الروح في قضيتهم أولوية وطنية

أكثر من 1800 أسير فلسطيني شجاع في سجون الاحتلال الإسرائيلي شرعوا منذ يوم الـ(17) من الشهر الفائت تزامنًا مع يوم الأسير الفلسطيني إضرابًا عن الطعام، احتجاجًا على المعاناة التي يعيشون فيها نتيجة سياسة القمع والبطش الإسرائيلية الممارسة ضدهم، مطالبين بتحسين ظروف اعتقالهم اليومية.


المحتل اتخذ العديد من الإجراءات استعدادًا لمواجهة هذا الإضراب، وحاول منعه بشتى الطرق والوسائل، ولكنه فشل في ذلك، وقد قرر إغلاق سجن (هداريم) ونقل الأسرى القابعين فيه إلى سجن النقب، ويعود سبب إغلاقه إلى أن 100 أسير من أصل 120 أسيرًا يقبعون فيه التحقوا بالإضراب عن الطعام منذ اليوم الأول، نقلوا إلى أقسام العزل في سجون أخرى، وتبقى منهم 20 أسيرًا مريضًا لم يشاركوا في الإضراب، نقلوا إلى سجن النقب، وهذا الإجراء هو انتقامي بحق الأسرى المضربين والمرضى لإرهاقهم بعمليات النقل المتواصلة.


لقد شعر الأسرى أن قضيتهم أصبحت شبه مهمشة من قبل السلطة الفلسطينية، إذ إن الاهتمام بها ليس بالمستوى المطلوب، وهناك تقصير تجاهها، ما حدا بالاحتلال إلى اتخاذ إجراءات قمعية ووحشية بحقهم، ومن بينها اقتحامات ومداهمات للسجون، خاصة في ساعات الفجر الباكر، ونقل أسرى من سجن إلى آخر، حسب المزاج، ومن أجل إرهاق الأسرى أنفسهم، وإهمال كبير للأسرى المرضى، وإهانة الأهالي وتعذيبهم في أثناء زيارة ذويهم من الأسرى، وتقليص مدة الزيارة، وأحيانًا إلغاء هذه الزيارات حسب الأهواء الاحتلالية، تبع ذلك فرض غرامات باهظة على الأسرى بسبب مواقفهم البطولية الجريئة الرافضة لإجراءات القمع، فضلًا عن الوضع السيئ المتردي في السجون نتيجة وجود حشرات، ونتيجة الاكتظاظ، واستخدام الكلاب للاعتداء على الأسرى، ومنعهم من إجراء أي اتصال هاتفي مع أهاليهم، والمحطات ووضع القنوات الفضائية التي يشاهدونها تحت المراقبة، وبث برامج ترفيهية أكثر من السياسية أو التثقيفية.


أما السبب الثاني الآخر فهو أن اهتمام السلطة الفلسطينية بقضاياهم ليس بالمستوى المطلوب، وأن هناك شعورًا بأن قضيتهم أصبحت منسية. السبب الثالث يعود إلى سن الاحتلال قوانين عنصرية وفاشية أخيرًا، ومنها السماح باعتقال أطفال دون 18 عامًا، وتشديد العقوبات على المقاومين للاحتلال.


أما السبب الرابع فيكمن في إرادة إثبات وجودهم على الساحة السياسية، والقول إنهم جزء مهم من النضال، ولابدّ من أن يكونوا في أولويات قضايا الحل النهائي.


السبب الخامس والأخير يتمثل في سحب سلطات السجون الإنجازات التي حققها الأسرى الفلسطينيون بإضراباتهم المفتوحة عن الطعام في السابق، حتى إن الكثير منها لم يبق بتاتًا، ما يعني تراجع سلطات السجون عن الوعود التي قطعتها بتحسين ظروفهم بعد إضرابات عن الطعام خلال السنوات الماضية، أي أن الاحتلال يساهم في تصعيد التوتر، ويقف وراء التأجيج لأنه يصادر ما حققه الأسرى من إنجازات خلال سنوات اعتقالهم.


الأسباب السابقة كانت لمواجهة التعنت الإسرائيلي، ولكن هناك أسباب وراء قيام كبار قادة الأسرى بالتخطيط والإعداد لهذا الإضراب، وفي مقدمتهم مروان البرغوثي الذي أبدى غضبًا لأن القيادة الفلسطينية لا تفعل ما يجب أن تفعله لإطلاق سراح الأسرى، وأيضًا لأن الأداء السياسي ليس بالمستوى المطلوب حسب وجهة نظر هؤلاء الأسرى.


هناك شعور لدى أسرانا بأن انتفاضة القدس "الثالثة" لا تسير بقوة، وهناك جهود لإخمادها من قبل عدة جهات، ولذلك لابد من تقويتها بإضراب الأسرى عن الطعام، وبمناسبة يوم الأسير الفلسطيني الذي يجمع كل أبناء الشعب الفلسطيني على أحبائه، وتقديم الدعم للأسير، أيًّا كان انتماؤه أو فكره السياسي.


لم يطلب الأسرى مطالب سياسية، فهي أغلبها اجتماعية، ويريدون أن يعاملوا كأسرى حرب ونزاع لا إرهابيين كما ينعتهم الاحتلال في إعلامه المضلل جدًّا، وهذه المطالب يجب أن تتحقق عاجلًا أو آجلًا، وعلى الاحتلال قبولها، لأنها سبق أن قدمت مثلها في السنوات الماضية.


ومع الإجراءات القمعية التي يمارسها الاحتلال ضد الأسرى المضربين من المتوقع أن يتواصل إضراب أسرانا عن الطعام، ولن يحقق أيًّا من مطالبه إلا إذا وقف أبناء شعبنا إلى جانبهم، عبر الحراك الشعبي، وهذا الحراك بدأ بإعلان إضراب عام يوم الخميس الموافق 27/4/2017م في اليوم الحادي العشر للإضراب، ومن المتوقع أيضًا أن تحاول السلطة عبر قنوات عديدة الطلب من الاحتلال قبول مطالب الأسرى، وإذا لم يتفاعل الاحتلال مع هذه المطالب وهذا الإضراب، وفي حالة استشهاد أحد المضربين؛ فإن التحرك الشعبي سيقوى وترتفع حدته، وبذلك ستتصاعد الانتفاضة الحالية ضد الاحتلال.

كل الأمل أن تتحقق المطالب في أقرب وقت لتفادي استشهاد أسير واحد نتيجة هذا الإضراب العام عن الطعام، وإن الأمل معقود على تصاعد الدعم الشعبي لأسرانا، لأن قضيتهم قضية كل الشعب الفلسطيني، وليست قضية شريحة أو فصيل بعينه.