فلسطين أون لاين

تكريم الفائزين في الأسبوع الأول من المسابقة

"موهبتك من بيتك".. أطفال غزة يزيحون الستار عن إبداعاتهم

...
غزة -هدى الدلو:

على صغر سنها، وملامحها الطفولية البريئة تستثمر إعلان أي مسابقة لتعرف الناس موهبتها، وفي الوقت ذاته تبذل جهدها لتحصد المراكز المتقدمة لتتسلل لها مشاعر الفرح، هذا حال الطفلة ريما الهباش التي لم تتجاوز من عمرها 10 أعوام الفائزة في مسابقة "موهبتك من بيتك"، التي تهدف إلى إبراز مواهب الأطفال وإبداعاتهم خلال مدة الحجر الصحي بسبب جائحة "كورونا".

والداها اكتشفا موهبتها في السادسة من عمرها، ودفعا بها نحو المراكز الخاصة بتعلم الموسيقا، لتختار التعلم على آلة القانون الموسيقية وتصبح عازفة لها، وعن ذلك تقول ريما بصوت طفولي ناعم لصحيفة "فلسطين": "لقد استثمرت مدة الحجر بالتعلم والتدرب، وعمل فيديوهات ونشرها على قناتي الخاصة عبر اليوتيوب، إلى جانب القراءة والمطالعة".

وتحلم أن تكبر وتصبح مهندسة في مجال تكنولوجيا المعلومات، وعازفة قانون عالمية.

وتنظم هذه المسابقة الهيئة العامة للشباب والثقافة بغزة، ومنتدى الأمة للتنمية، وتستهدف الأطفال من سن 6 إلى 14 عامًا، في مجالات الإنشاد، والموشحات، والعزف، والأغنية الوطنية، والإلقاء والتقليد، و(الستاند أب) الكوميدي، والقصة القصيرة.

وكرمت الهيئة العامة للشباب والثقافة، ومنتدى الأمة للتنمية، أمس، الأطفال العشرة الفائزين في الأسبوع الأول من مسابقة "موهبتك من بيتك".

وحضر حفل التكريم الذي أقيم بمقر الهيئة في مدينة غزة: رئيس الهيئة أحمد محيسن، ونائبة رئيس الهيئة أميرة هارون، والمديرون العامون بالهيئة، ورئيس منتدى الأمة الدكتور فريد قبلان، ورئيس لجنة تحكيم المسابقة د. إسماعيل داود، ومدير تحرير صحيفة فلسطين الصحفي مفيد أبو شمالة.

"مفاجأة وشعور جميل"

أما الطفل المشارك مؤيد شراب (14 عامًا) فتلمس في حديثه مع صحيفة "فلسطين" عقلانية الشباب؛ فقد استهله عن مشاعر الفوز: "مع أن الحظ يحالفني في كل مرة لم أتمكن من وصف ذلك الشعور الجميل، لقد كانت مفاجأة، أُعلمت بها من طريق اتصال هاتفي، ولكنه كفيل أن يحسن يومي ونفسيتي".

وتقدم شراب في الدرجة الأولى للمسابقة بمجال الإنشاد لإبراز صوته للجهات المعنية، والثانية تأتي مع صعوبة الوضع المالي التي تعانيها عائلته فيساعدها بما يناله.

موهبته اكتشفها في أروقة المسجد، وسعى إلى تطويرها جذريًّا بالتعرف إلى المقامات الموسيقية وبعض المقامات الفرعية، وحفظ الأناشيد الوطنية والدينية.

يتابع مؤيد حديثه: "وبعد ذلك طورت نفسي أكثر بالاستماع والنشر على السوشيال ميديا، وكونت علاقات فنية أتاحت أمامي عدة فرص تعرفت فيها إلى أصدقاء فنانين ليساعدوني في تطوير موهبتي، إلى جانب دعم أهلي معنويًّا وماليًّا قدر المستطاع".

أما الطفلة نيسان أبو القمصان فلها قلم يبدع في الكتابة القصصية، وقد حصدت عدة جوائز وطنية وعربية، وتهتم بالمشاركة في كل المسابقات التي تعلن.

تقول: "لا أحب فقط أن أكتب، فلدي رغبة أيضًا أن تُقرأ قصصي وتُقيَّم وتكرم، وأن أحفر اسمي في عالم القصة الخاصة بفئتي العمرية".

ففي الصف الرابع لاحظت معلمة اللغة العربية موهبتها في الكتابة من أدائها في التعبير والإنشاء، وكذلك من مشاركة نيسان في مسابقات كتابة القصة بالمدرسة.

وتتحدث والدتها بأن ذلك الأمر لم يأتِ من فراغ، فقد كانت القصة جزءًا من حياة نيسان طفلة، إذ كانت تروي لها ولأختها قصة قبل النوم كل مساء، بعدها بدأت تقرأ القصص بنفسها، ثم بدأت محاولات الكتابة.

وتطمح أن تدرس علم الفضاء، وأن تصبح سفيرة لبلادها عبر كتاباتها.

طاقات وأوقات فراغ

من جهته يوضح رئيس الهيئة أن المسابقة تأتي لتحقيق الاستثمار الأمثل لطاقات الأطفال، وأوقات فراغهم الطويلة التي فرضتها جائحة كورونا، وتهدف إلى إضفاء طابع من السعادة والتفاعل على نفوس الأطفال وكسر الروتين، إضافة إلى اكتشاف مواهب الأطفال المميزة وتحفيزها وتنميتها.

ويؤكد محيسن أن الشعب الفلسطيني مستودع للإبداع والمواهب في مختلف المجالات، لافتًا إلى أن الهيئة تستعد خلال العام القادم لإطلاق سلسلة من المشاريع والأنشطة التي تستهدف شرائح الشباب والأطفال على وجه الخصوص، ومن شأنها الارتقاء بالمشهد الثقافي الفلسطيني.

من جانبه يرى رئيس منتدى الأمة أهمية المسابقة في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها قطاع غزة، مبينًا دور أولياء الأمور في اكتشاف مواهب أطفالهم ورعايتها والاهتمام بها وتنميتها وتوظيفها توظيفًا هادفًا، خاصة مع الثورة الهائلة التي يشهدها الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

بدوره يوضح رئيس لجنة تحكيم المسابقة أن المسابقة شهدت تفاعلًا كبيرًا من الأطفال إذ بلغ عدد المشاركين في الأسبوع الأول أكثر من (200) طفل موهوب في مجالات المسابقة، لافتًا إلى أن لجنة التحكيم واجهت صعوبة بالغة في تحديد الفائزين نظرًا لتميز موهبة المشاركين وتقارب المستوى بينهم.

ويبيّن أن المشاركة في الأسبوع الثاني من المسابقة تنتهي مساء الأربعاء القادم وتُعلن النتائج يوم الأحد، وتستمر المسابقة على مدار أربعة أسابيع، لافتًا إلى أن الأطفال الذين لم يحالفهم الحظ هذا الأسبوع ستتاح لهم الفرصة للمشاركة مرة أخرى في المسابقة.

وكانت لجنة تحكيم المسابقة أعلنت الأحد الماضي أسماء الأطفال العشرة الفائزين بجوائز الأسبوع الأول، وجاءت على النحو التالي: نيسان أبو القمصان وليا القريناوي مجال كتابة القصة، ولينا قنديل ومنذر عكيلة مجال التقليد و(الستاند أب) كوميدي، ومحمد كشكو ومؤيد شراب مجال الإنشاد، ويوسف عبد المعطي وريما الهباش مجال العزف والأغنية الوطنية، وبراءة المصري وراما لبد مجال الإلقاء، وقد حصلوا على جائزة بقيمة 50 دولارًا لكل فائز.

في السياق، تؤكد مديرة الفنون والشباب في "الثقافة" بغزة أحلام الشاعر الاهتمام برعاية المواهب من كل الفئات العمرية، مضيفة: "كان في العام الماضي مسابقة ومهرجان خاصّان بفئة الشباب".

وتشير إلى أنه في هذا العام استهدفت بفكرة تقدم بها منتدى الأمة فئة الأطفال لما لديهم من مواهب وطاقات إبداعية مختلفة، واعتمدت الفكرة لكونها تجاري الأوضاع السائدة مع جائحة كورونا بأن تكون من البيت.

وتقول لصحيفة "فلسطين": "الفكرة قائمة على هدف ومنهاج عام نسير عليه عبر اكتشاف المواهب والسعي لرعايتهم وإبراز قدراتهم"، مشيرة إلى أن لديهم خمسة مجالات إبداعية مختلفة، وهي: الإنشاد والعزف والإلقاء وكتابة القصة القصيرة والتقليد.

وفي الأسبوع الأول من المسابقة فاق عدد المشاركين 80 مشاركًا مشاركة صحيحة ومعتمدة، غير المشاركات التي لم تراعِ الشروط فاستبعدت، وتلفت إلى أن مدة المسابقة أربعة أسابيع، وفي كل أسبوع يوجد 10 فائزين.

وتوضح الشاعر أن من شروط المشاركة في المسابقة أن تكون سن المتقدم من 6 إلى 14 عامًا، وأن ترسل المشاركة وتوضع عبر صفحة (فيس بوك) وترسل للجنة، وأن يكون التسجيل واضحًا، وعدم المشاركة في أكثر من المجال.

وتنبه إلى أن لجنة خارجية مختصة شُكلت لتقييم الأعمال بحيث تضم موسيقيًّا وعازفًا، وفنانًا مسرحيًّا، وأساتذة باللغة العربية، وكاتبة وشاعرة، بحيث تُقيم من الصوت والأداء والسلامة اللغوية وحركة الجسد والقدرة على محاكاة الآخر.

وتبين الشاعر أن الهدف من المسابقة تشجيع الأطفال وأصحاب المواهب على الاهتمام بموهبتهم والسعي لرعايتهم؛ فهم شباب المستقبل وبناة الغد، واستثمار وقت وجهد الأطفال خلال مدة الحجر الصحي، خاصة مع تعطل الدوام المدرسي بسبب جائحة كورونا، وإضفاء طابع من المرح والتفاعل وكسر الروتين، في هذه الظروف الصعبة التي يمرون بها.

ومن الشروط العامة التي أُعلنت للمسابقة ألا تتضمن الأعمال ما يخالف قيم المجتمع، وألا تحتوي على أي أفكار عنصرية أو فئوية، أو ما يحرض على العنف والكراهية، وأن يحمل محتوى العمل رسائل إنسانية نبيلة وقيمًا وطنية أصيلة وترتبط بالظرف الراهن وتعزز الإيجابية والأمل، وأن يكون العمل أصيلًا، غير منقول أو مترجم، وغير منشور، وأن تكون الأعمال المقدمة تعكس موهبة المتقدم الحقيقية دون مساعدة الآخرين.