أثار الإعلان الباكر لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن هوية الرئيس القادم لجهاز الموساد، قبل ستة أشهر من نهاية ولاية رئيسه يوسي كوهين، موجة تكهنات حول خططه المستقبلية، وإمكانية انخراطه في الحياة السياسية والحزبية، بعد أن وضعه نتنياهو نفسه خليفة له.
فور الإعلان عن هذا التعيين خرجت تعليقات متلاحقة تصف كوهين بأنه "وريث بيبي بلا منازع!"، وخاطبه آخر: "مرحبًا بكم في حزب الليكود"، واستُقبِل إعلان نتنياهو بكونه أول خطوة تبشر بوصول كوهين المحتمل إلى السياسة الحزبية الداخلية.
نتنياهو حدد كوهين وريثًا له في أغسطس 2019 لقيادة (إسرائيل)، وقد عمل في الموساد منذ عقود، وانضم لمكتب نتنياهو في 2013 رئيسًا لمجلس الأمن القومي، وأصبح أقرب أمنائه، وأكثرهم ولاءً، لكن قانون الكنيست يلزمه -كبقية قادة الجهازين الأمني والعسكري- تجميدَ تطلعاته السياسية لثلاث سنوات بعد تقاعده، ولن يُسمح له بالترشح للكنيست.
بعكس رؤساء الأركان وجنرالات وزارة الحرب، يعد قادة الموساد سلعة نادرة في السياسة الإسرائيلية، ولعدة سنوات بقيت هوياتهم سرية ومحظورة من النشر، وعرفهم الجمهور بالحرف الأول من اسمهم فقط، ما جعل من الصعب عليهم الحصول على الاعتراف، وبناء هالة أمنية كجنرالات الجيش، ولم يقفز معظم رؤساء الموساد إلى المياه السياسية.
كوهين ليس كأسلافه، فقد كشف كثيرًا من ألغاز عالم الظل، وبرز لاعبًا رئيسًا في المسرح السياسي، وبصفته المقرب المطلق لنتنياهو، فقد شارك في مسيرة التطبيع العربية، وواجه كورونا، والبرنامج النووي الإيراني، وبات الجميع يعرفون ذلك، رغم عادة أسلافه البقاء وراء الكواليس، ونادرًا ما تُجرى مقابلات معهم، لكنه تكيف مع اللقاءات بالكاميرات.
أنجز كوهين كثيرًا من المهام، كالاستيلاء على الأرشيف النووي الإيراني، والهجمات الغامضة على منشآتها النووية، واغتيالات العلماء، والعديد من العمليات غير المعروفة السرية، على الأقل لسنوات قادمة.
تسبب ولاء كوهين لنتنياهو رغم أنه جعله لاعبًا رئيسًا بتشكيل سياسة (إسرائيل) الاستراتيجية للعقد الماضي، بأن جعله هدفًا للهجمات الداخلية، وتلقيه انتقادات كبيرة، مثل اتهامه بتسييس الموساد، والإفراط في الترويج للإنجازات على حساب الكشف عن الأساليب الاستخباراتية، وتسخير الجهاز للاحتياجات السياسية لرئيسه الذي عينه، وانخرط ولعب دورًا في بعض معارك نتنياهو السياسية، حتى أصبحا متشابهين.
كوهين، الموصوف "جيمس بوند" الإسرائيلي، سيكون بانتظاره عدد غير قليل من السكاكين التي تنتظره في أروقة الكنيست؛ ولن يُرحَّب به بأذرع مفتوحة، ما لم يقُم حاليًّا بتطريز عملية سرية ستقوده إلى القمة في طريق مختصر، إذ انتشرت شائعات في الأسابيع الأخيرة بأن نتنياهو يعتزم تعيينه سفيرًا للولايات المتحدة، أو مبعوثًا خاصًّا لإدارة بايدن، ومن يدري، فربما يعينه وزيرًا للخارجية أو الحرب.