فلسطين أون لاين

127 ألف شخص من ذوي الإعاقة في قطاع غزة

تقرير جائحة كورونا تُفقِد الطفل "علي" حلمه بالذهاب إلى المدرسة

...
صورة أرشيفية
غزة/ صفاء عاشور:

كان د. هشام الأقرع يأمل تسجيلَ ابنه ذي العشرة أعوام في إحدى المدارس هذا العام، غير أن هذا الأمل تحطم أمام ظروف الإغلاق غير الاعتيادية التي فرضتها جائحة كورونا منذ وصلت قطاع غزة قبل أشهر.

ويوضح الأقرع في حديث لـ"فلسطين" أن نجله "علي" من الأشخاص ذوي الإعاقة، إذ أحدث ضمور في المخيخ أصيب به وهو صغير، مشكلات في الحركة والتوازن والنطق، ويتلقى لأجلها أربعة أنواع من الخدمات في مركز "نعم نستطيع" وهي: العلاج الطبيعي، والوظيفي، والتربية الخاصة، وجلسات تحسين النطق.

ويقول: "كنت أتوقع أنا ومدرسوه في المركز أن يلتحق هذا العام بإحدى المدارس، ولكن بسبب الجائحة التي وصلت للقطاع، التي ما تزال آثارها مستمرة حتى الآن، تراجعت حالة علي كثيرا جدا".

ويشير إلى أن اكتشاف حالات مصابة بفيروس كورونا في القطاع كان مصيبة على "علي"، حيث توقف المركز عن تقديم الخدمات التي يقدمها له ولأقرانه، وهو ما تسبب بانتكاسة حالته وعاد يعاني مشكلات في المشي والنطق.

ويضيف الأقرع أن علي لديه حالة من عدم الاستقرار النفسي، إذ ازداد عصبية بسبب التوقف الطويل عن تلقي الخدمات الأساسية، وكأن جهد عامين ونصف ضاع كله في عدة أشهر.

تأثير سلبي

وفي هذا الإطار يتحدث مدير برنامج التأهيل بمؤسسة الإغاثة الطبية الفلسطينية، مصطفى عابد عن تأثير جائحة كورونا بشكل كبير على فئة الأشخاص ذوي الإعاقة وازدياد معاناتهم، حيث تعطلت العشرات من الخدمات الأساسية.

ويبين في حديث لـ"فلسطين" أن جائحة كورونا والحصار الإسرائيلي المستمر دفعا المنظومة الفلسطينية سواء في الضفة أو غزة إلى تقديم الخدمات للأشخاص في مراكز الحجر وهو ما أعاق بشكل كبير وصول باقي الخدمات للأشخاص ذوي الإعاقة وخاصة في المدارس أو المنازل.

ويشير عابد إلى أن العشرات من الخدمات الأساسية تعطلت بفعل الجائحة، فمعظم مراكز الاستقبال في المستشفيات لم تستقبل الأشخاص ذوي الإعاقة، كما تعطلت مراكز الرعاية الأولية عن استقبالهم.

ويضيف أن الخدمات الوجاهية التي كان يتلاها ذوو الإعاقة تعطلت هي الأخرى، مثل: خدمات العلاج الطبيعي والوظيفي وخدمات الدعم النفسي، إلى جانب تعطل المشاريع الدولية المقدمة لهذه الفئات.

وينبه عابد إلى أن المانحين توجهوا للبحث عن مناطق أكثر صعوبة واحتياجاً لهذه الخدمات بدرجة أساسية.

والأشخاص ذوو الإعاقة في غزة يواجهون ثلاث مشكلات أساسية، هي: الخروج للأماكن العامة أو مراكز تلقي العلاج والتعليم، وازدادت العلاقة بين ذوي الإعاقة وذويهم تعقيدًا، وتعرضهم للحرمان من أبسط الحقوق، وفقًا لعابد.

ويوجد في قطاع غزة ما يزيد على 29 ألف شخص من ذوي الإعاقة يعتاشون على مخصصات التنمية الاجتماعية التي تصدر لهم كل 3 أشهر، ويتم تأجيلها لفترات طويلة، ما يؤثر في قدرتهم على تلبية أساسيات الحياة الضرورية.

ويقول عابد: "الثالث من ديسمبر من كل عام يوافق اليوم العالمي لذوي الإعاقة، ويفتح العالم الأبواب المغلقة ويرفع كل الحواجز التي تعيق ذوي الإعاقة عن الوصول إلى المجتمع للحصول على جميع الخدمات الأساسية مثل: التعليم، والصحة، والعمل، والمشاركة السياسية والزواج والحياة".

ويبين أن 127 ألف شخص في قطاع غزة يعانون إعاقات متعددة تتنوع بين صعوبات في الإبصار، السمع والنطق، والحركة، والنوبات، والسلوك الغريب والتخلف العقلي بمستوياته الثلاثة والتشوهات.

ويشير عابد إلى أن اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة أتى هذا العام تحت عنوان إعادة البناء بشكل أفضل، "فالعالم يسعى الآن لدعم ومساندة الأشخاص ذوي الإعاقة بمفهوم التنمية المستدامة".

وأردف: "هذا المفهوم يعني إيصال الخدمات الأساسية للأشخاص ذوي الإعاقة على مبادئ الكرامة، والمساواة، العدالة، وتكافؤ الفرص، ولكن في ظل غياب هذه الأمور فإن الأشخاص ذوي الإعاقة في غزة مهمشون ولا تتوافر لديهم الخدمات الضرورية".

ويؤكد عابد أن الجميع يتحدث في هذه الفترة عن تنمية شاملة للأشخاص ذوي الإعاقة، ولكن في غزة تعيش هذه الفئة "كارثة إنسانية"، مطالبًا المجتمع الدولي بالتدخل السريع من أجل حماية وضمان عيش كريم لذوي الإعاقة كباقي الأشخاص في العالم.

وشدد عابد على أهمية تسهيل جميع مناحي الحياة الاجتماعية، والصحية، والاقتصادية والتعليمية للأشخاص ذوي الإعاقة بعد انقضاء كورونا، "وهذا يتطلب دعمًا ومساندة من المؤسسات الدولية، والجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني في قطاع غزة".