فلسطين أون لاين

بين الاعتقال و"كورونا".. مَن يجيب عن أسئلة ابنتَي الأسير حرارة؟

...
صورة أرشيفية
غزة/ جمال غيث:

تقف الطفلتان "إنجي، وإلين" صباح كل يوم أمام غرفة والدهما وأعينهما تجول المكان بحثًا عنه، ولا تدريان أن غيابه سيطول بعد أن اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي في أثناء توجهه إلى مكان عمله.

وسرعان ما فجعت الطفلتان حرارة بغياب والدهما "هشام"، لتكتشفا أنه غير موجود، وتنسكب الدموع من أعينهما وتشرعان بالسؤال عن موعد عودته وماذا يفعل لمواجهة فيروس كورونا؟.

واعتقل حرارة في 27 ديسمبر/ كانون أول 2015، من أمام حاجز بيت حانون (إيرز) شمال قطاع غزة، خلال توجهه إلى مكان عمله في الضفة الغربية المحتلة، وقدمت محكمة الاحتلال لائحة اتهام مكونة من (٢٧) بندًا، وقضت بسجنه 18 عامًا خففت إلى 9 أعوام.

وتقول رشا حرارة (20عامًا) ابنة الأسير "هشام"، إن شقيقتيها تنظران إلى سرير والدهما في صباح ومساء كل يوم، علهما تجدانه نائمًا أو حضر إلى المنزل، "لكنهما للأسف تُفجعان برد والدتي عند سؤالهما لها، بأن الوقت لم يحن بعد لعودته".

وتضيف حرارة التي تقطن في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، لصحيفة "فلسطين"، بأن "إنجي، والين" تواسيان نفسيهما بالبكاء واحتضان وسادته، مرددتين: "أين أنت يا أبي؟! ومتى ستعود؟!".

وتكمل: "تسأل إنجي (ثلاثة أعوام)، وإلين (عامان) عن سبب اعتقال الاحتلال لوالدي، وعن الذنب الذي ارتكبه، وتطيلان النظر لصوره المعلقة على جدران المنزل وتحاولان الحديث معه، وتشتكيان له آلامهما ومدى اشتياقهما له".

والأسير حرارة أب لسبعة أطفال، وحاصل على شهادة الثانوية العامة، ويعمل في مجال البنى التحتية "الحفريات".

وأخفت قوات الاحتلال في بادئ الأمر خبر اعتقال حرارة، وفق ابنه، وبعد تواصل العائلة المستمر مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ونادي الأسير تم تأكيد اعتقاله ووجوده في سجن "عسقلان" دون سبب يذكر.

وتلفت رشا إلى أنه وبعد سلسلة محاكمات وعرضه على النيابة الإسرائيلية، اتهم والدها بجرائم لم يرتكبها ولم يكن على علاقة بها، حيث حكم بالسجن لـ 18 عامًا خففت إلى 9 أعوام بعد تدخل المحامي.

وانتقل حرارة، للعمل في الضفة الغربية بسبب ظروفه الاقتصادية السيئة والأجور المتدنية في قطاع غزة، لكنه لم يعلم أن تلك المحاولة ستغيبه عن أسرته قسرا لنحو عقد من الزمان.

وتحرم قوات الاحتلال عائلة الأسير حرارة، منذ ما يزيد على عامين من زيارته بذريعة انتقاله من سجن لآخر، وبسبب جائحة كورونا، وفق ابن الأسير "أمجد".

ويقول الشاب العشريني، إنه منذ اعتقال والده لم يكتب له ولشقيقته رشا زيارته في سجن "إيشل" بسبب تجاوز عمريهما الـ 16 عامًا، معربًا عن مدى حبه واشتياقه له، متسائلًا عن الذنب الذي ارتكبه أبناء الأسرى ليحرموا من زيارته والاطلاع على أوضاعهم الصحية.

ويخشى أمجد تعرض والده للمرض بسبب سياسة الإهمال الطبي في سجون الاحتلال الإسرائيلية وإجراءات الاحتلال العنصرية الممارسة بحق الأسرى.

وتحاول العائلة، الحصول على أخبار "هشام" من المحررين، أو أهالي أسرى الضفة الغربية الذين يتمكنون من زيارة أبنائهم في "إيشل"، أو من خلال وسائل الإعلام والمختصين والمحامين الذين يتمكنون من زيارة الأسرى ويطلعون على أوضاعهم.

وينتظر "أمجد" ابن الأسير البكر، بفارغ الصبر أن تنقضي فترة اعتقال والده لينعم بالجلوس إلى جواره، ويقيم له حفل خطوبته وزفاف، مشيرًا إلى أن يرفض وبشكل قاطع دعوات عائلته المتكررة بالزواج، "فلن أقدم على هذه الخطوة دون رفقة والدي".

وتحاول عائلة الأسير حرارة، التعايش مع الأمر، وتلبية احتياجات أبنائها، وتعويض غياب الأب، وطمأنت صغاره بأن عودة والدهم باتت قريبة.