أعلن خالد مشعل عن فوز إسماعيل هنية، أبو العبد، برئاسة حركة حماس خلفا له بعد أن أمضى في المنصب قرابة العشرين عاما. كان الاختيار متوقعا إلى حد كبير، وكان موسى أبو مرزوق من المنافسين على المنصب، وكان الأخير قد ترأس الحركة قبل خالد مشعل.
رحبت حركة حماس، وحركة فتح، باختيار إسماعيل هنية كرجل أول في الحركة لما يتمتع به هنية من كاريزما قيادية، وشخصية وسطية تميل إلى الاعتدال.
اختيار هنية لرئاسة الحركة جاء في وقت عصيب ومعقد جدا، فالانقسام الفلسطيني ما زال قائما، والمشاحنات بين فتح وحماس هي على أشدها، والرئيس عباس يعمل على محاصرة غزة من خلال القرارات الأخيرة، التي مست الرواتب، والكهرباء، والمياه، وأخيرا الضرائب.
هنية يتولى منصبه والحصار يشتد على سكان غزة، ومعبر رفح مغلق منذ فترة طويلة، وحالة البطالة تتفاقم، والأوراق التي تمتلكها حماس في مواجهة هذه المصاعب قليلة.
وإذا نظرنا إلى الواقع العربي وجدناه واقعا ممزقا يبعث على الرثاء، ويكاد يبتعد عن القضية الفلسطينية، وينشغل كل بلد ونظام بهمومه الداخلية، ومواجهة موجات الإرهاب، والتدخلات الخارجية، بينما تعيش ( إسرائيل) أزهى أوقاتها، وإن علوها بين الدول علو كبير.
المطلوب من إسماعيل هنية أن يقود سفينة حركة حماس في الداخل وفي الخارج في ظل هذه الأوضاع الصعبة والمعقدة، وأحسب أن له خبرة في القيادة في هذه الظلمة المعتمة، فقد مارس قيادة حماس في إقليم غزة لفترة طويلة أكسبته حنكة سياسية جيدة، وهو في الحقيقة قريب من كل قادة الفصائل، بل وقريب من الشعب، ويتمتع بعلاقات جيدة مع الجميع. ندعو الله أن يوفقه في منصبه الجديد، وأن يتمكن من جمع أبناء الحركة من خلفه، وأن يجد معادلة ما لإنهاء الانقسام والتفاهم مع حركة فتح، بما يخفف الحصار عن الشعب ويعيد اللحمة لوطننا الجريح.
هنية يقود حماس وقد سبقته بأيام وثيقة حماس التي أعلن عنها خالد مشعل، والتي تحمل كثيرا من المرونة، وتقترب من مطالب النظام العربي والدولي حين عرفت نفسها بأنها حركة تحرر وطني، تعادي الاحتلال ولا تعادي اليهود لأنهم يهود، وأنها تقبل التوافق الفلسطيني لقيام دولة فلسطينية على حدود ١٩٦٧م دون أن يجحف هذا بحق عودة اللاجئين.