فلسطين أون لاين

تقرير سكان برج "القمر" ما زالوا يبحثون عن حلولٍ عادلةٍ تحميهم من المعاناة

...
صورة أرشيفية
غزة/ صفاء عاشور:

"كله نزل قدام عيني في 5 دقائق، شقاء عمر 10 سنين لتملك شقة تؤويني مع عائلتي المكونة من 15 فردًا، كله ذهب بمكالمة هاتفية لم تستمر سوى ثوانٍ من المخابرات الإسرائيلية نصها: "اخرج من شقتك، ستقصف خلال خمس دقائق".

ذكريات مرَّ عليها عام ونصف، ولكنها محفورة بكل تفاصيلها في ذاكرة "أبو عمران زايدة"، صاحب أول شقة بِيعت في برج القمر المقام في حي الصبرة شرق مدينة غزة منذ عام 2009، ذلك البرج الذي قصفته طائرات الاحتلال الإسرائيلي في الخامس من مايو عام 2019.

المعاناة التي ظن زايدة أنها انتهت بانتهائه من تسديد ما عليه من أقساط شقته وتأثيثها بالكامل، بدأت فعليًّا عندما قصفته طائرات الاحتلال الإسرائيلي وحولته إلى كومة أحجار.

زايدة هو موظف متقاعد يتقاضى راتبًا تقاعديًّا لا يتجاوز 1500 شيقل، يذهب 600 شيقل منها إيجارًا لمنزل يعيش فيه هو وأسرته ليبقى له 900 شيقل مصاريف لأبنائه الصغار.

معاناة رب أسرة

مصاريف أنهكته حتى أصبح زايدة غير قادر على توفير الشيقل الواحد مصروفًا لابنه عند ذهابه إلى المدرسة، بالإضافة إلى عدم مقدرته على تحمل مصاريف أبنائه في الثانوية العامة وبقية المراحل الدراسية.

وقال في حديث لـ"فلسطين": "أنا أول مَن اشترى شقة في برج القمر منذ بنائه، وبقيت أسدد في أقساطها ما يقرب من 10 سنوات، وكنت وقتها موظفًا بسيطًا في وزارة النقل والمواصلات، ولكن الفرحة لم تدُم بعد أن قصف الاحتلال البرج بكامله لتذهب معه كل أحلام العمر وذكرياته وآماله".

وأضاف زايدة: "بعد فقداني منزلي، شعرت أني فقير للغاية، خاصة أنه لم تقف معنا أيُّ جهة حكومية، فلجأت إلى أقاربنا لبعض الوقت، وعدت من جديد للعيش بالإيجار بعد أن استأجرت منزلًا لأعيش فيه".

وأوضح أن المشكلة مع أنها مطروحة أمام كل الجهات الحكومية، فإنه لا أحد اتخذ قرارًا بحل مشكلة أصحاب الشقق المدمرة والمتضررين من القصف جراء العدوان الإسرائيلي.

وذكر زايدة أن المشكلة الآن بيد وزارة الأشغال العامة والإسكان، التي على مدار السنة والنصف الماضية لم تجد أيِّ حلول للأُسَر المتضررة سواء بإيجاد شقق بديلة أو بتقديم مساعدات نقدية تعينهم على مصاريف حياتهم.

وأردف زايدة: "أنا وجميع أفراد أسرتي نعيش حياة صعبة للغاية، وكل يوم يمر علينا في هذه الظروف يجعلنا نفكر بأفكار سوداوية أكثر من السابق، خاصة أن لا أحدَ مستعد لتوفير حياة كريمة ومحترمة لنا بعد أن قدَّمنا تعب وشقاء عمرنا كله فداء للمقاومة الفلسطينية".

وكان برج القمر يتكون من سبعة طوابق و22 شقة سكنية وستة حواصل، بالإضافة إلى الطابق الأرضي "بدروم"، وبعد هدمه بالكامل شُرِّد سكانه، وزادت معاناتهم، ولم يتبقَّ لهم شيء يذكر.

مسؤولية الأشغال

من جانبه، بيَّن المتحدث باسم الأُسَر المتضررة، خالد عيسى، أنه قبل قصف البرج لم تكن هناك أيُّ مشكلات لدى السكان فيما يتعلق بالحياة وتفاصيلها، حيث اشتُريت الشقق ودُفِع ثمنها عند المحامين، مستدركًا: "ولكن المشكلات بدأت بعد قصف طائرات الاحتلال البرج".

وقال في حديث لـ"فلسطين": "أول مشكلة واجهتنا هي عدم ترخيص البرج عند بلدية غزة، وطلبنا عمل تسوية لحل هذه الإشكالية، ولكن الأهم لدينا هو وضعنا بوصفنا متضررين على لائحة إعادة الإعمار وتعويض السكان ودفع بدل إيجارات، وهو ما لم يتم بتاتًا".

وأضاف عيسى: مسؤولية إعادة إعمار البرج هي مسؤولية وزارة الأشغال العامة والإسكان التي عليها أن تدرج البرج ضمن خططها، لإعادة إعمار الأبراج، ولكن هذا لم يتم، ولا نعرف السبب، كما أنه لا يوجد أيُّ دعم أو مساعدة تقدم لأصحاب الوحدات السكنية المتضررين، الذين هُدِمت شققهم.

وأشار إلى أنهم مستمرون في متابعة الموضوع مع "الأشغال" وغيرها من الوزارات، لافتًا إلى أنه للأسف لم تستجب أيُّ جهة حكومية للعمل على حل المشكلة ولو بتقديم اقتراحات بسيطة تخفف عن المتضررين.

وذكر عيسى أن من أبرز مطالب المتضررين إدراجهم ضمن مشاريع إعادة الإعمار، ودفع بدل إيجار للسكان الذين تضرروا من القصف، أو تخصيص شققٍ سكنية من الأبراج التي بُنيت بِعدِّها مشاريع في القطاع، وبِعَدِّها شيئًا مؤقتًا لحين إيجاد حل دائم لمشكلة المتضررين.