شهد حزب الليكود اليميني الحاكم في الساعات الأخيرة زلزالا سياسيا كبيرا، حين أعلن غدعون ساعر، أبرز خصوم بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة انشقاقه عن الحزب، وخوض الانتخابات القادمة بشكل مستقل تحت شعار "أمل جديد"، ما دفع قادة الليكود لمهاجمته، واعتباره يخدم مصالحه الشخصية.
أعلن ساعر مغادرة حزبه السياسي في الليكود، واستقالته الفورية من الكنيست، مؤكدا أنه لن يدعم نتنياهو في الانتخابات المقبلة، متهما الحكومة الحالية بسرقة ثقة الجمهور التي أعطيت لها منذ إنشائها، مع العلم أنه قبل عام، حاول ساعر إحداث ذات السلوك الانشقاقي، والترشح ضد نتنياهو لقيادة الحزب، لكنه لم ينجح في ذلك، ما دفعه لاتهام الليكود بأنه أصبح أداة لتنفيذ مصالح نتنياهو.
أطلق ساعر جملة من المسوغات التي تبرر له انشقاقه عن الليكود، رغم أنه كان "بيته السياسي، ومنزله العائلي"، بالقول إن الليكود تغير بشكل كبير في السنوات الأخيرة، واستبدل الولاء فيه بدل القيم والأفكار، بعبادة شخص نتنياهو، ما يجعل أجندته السياسية من اليوم وصاعدا هي استبدال حكم نتنياهو، الأطول في تاريخ "إسرائيل".
من الواضح أن ساعر فكر بهذه الخطوة منذ فترة طويلة، بعد أن أدرك أنه لا علاقة له بالليكود، طالما أن نتنياهو يترأسه، وسوف يسعى لضم المزيد من أقطاب الحزب إليه، وربما من أحزاب أخرى، دون توافر تقدير دقيق بشأن فرصه في الفوز أو الخسارة في أي انتخابات برلمانية مبكرة قادمة.
جاء لافتا أنه بعد وقت قصير من إعلان استقالته من الكنيست، وتشكيله حزبا جديدا، صدرت في الليكود تصريحات قاسية ضد ساعر، واتهموه بأنه "أخلف كل وعوده، وانضم إلى زعيم المعارضة يائير لابيد"، وقد غادر الليكود لأنه هزم في انتخاباته التمهيدية، وفي استطلاعاته الداخلية في الأيام الأخيرة، تراجع إلى المراكز العشرة الأولى، واتهمته بالتخلي عن معسكر اليمين، والانضمام إلى اليسار، وإلى قائمة طويلة من السياسيين الذين تركوا الليكود، ثم انهاروا تمامًا.
مثل هذه الاتهامات الليكودية متوقعة وطبيعية، لأنهم يرون منذ زمن أن ساعر يشكل خصما عنيدا لنتنياهو، لكنهم يخشون أن يشكل انشقاقه محاولة جديدة لتقسيم معسكر اليمين، وتكرار انشقاقات سابقة قام بها آخرون مثل تسيبي ليفني وموشيه يعلون ودان ميريدور وآخرين.
مع العلم أن خطوة ساعر هذه جاءت في توقيت صعب على نتنياهو وهو يعالج أزمة جدية تعيشها "إسرائيل"، سواء بسبب تفشي كورونا، أو المشكلة الاقتصادية، وصولا إلى الخلافات الحزبية داخل الائتلاف الحكومي المهدد بالانهيار، وفي النهاية فإن انشقاق ساعر هبط مثل صاعقة في يوم صافٍ، وبقدر ما أصر على إذلال نتنياهو، وإهانته، لكن السؤال الذي يطرحه الكثيرون عمن سينضم لهذه العاصفة، لأنه سيخلط الأوراق مرة أخرى، وجهاً لوجه مع نتنياهو.