أعاد اغتيال فخري زادة للأذهان قتل الموساد لأحمد بوشيكي ببلدة ليلهامر النرويجية في السبعينيات بديلًا عن المطلوب الحقيقي علي حسن سلامة، أحد قادة منظمة أيلول الأسود منفذة عملية ميونيخ، وفي عمان 1997 وقعت المحاولة الفاشلة لاغتيال زعيم حماس خالد مشعل، لكنها خلفت وراءها ثلاث أزمات لـ"إسرائيل": نجاة مشعل، والقبض على المنفذين، ودفع "إسرائيل" ثمنًا باهظًا بإطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين من السجن.
الأمر تكرر باغتيال قائد حماس العسكري محمود المبحوح في دبي 2010، ورغم فرار المنفذين من الإمارات، لكن تم كشف هوياتهم، وتعرض الموساد لأضرار عملياتية بصورة واسعة النطاق، ما دفعه للتحول لأسلوب آخر، وهو الاغتيال عبر المبعوثين، الجهاز يقف وراء المعلومات، اختيار الأهداف، إدخال الأسلحة، تفعيل المساعدين، تجنيد القتلة، وإرسالهم للهدف، لكن اليد الضاغطة على الزناد ليست إسرائيلية.
الطريقة التي نجحت في الماضي تمثلت بالقضاء على العلماء الأربعة بداية العقد الماضي في إيران، هي راكبو الدراجات النارية، وهم ذاتهم الذين قضوا على مهندس حماس فادي البطش في ماليزيا عام 2018، ومن المشكوك فيه ما إذا كانوا يعرفون لمن يعملون، أو من كان هدفهم، والدليل أن هناك عددًا غير قليل من المرتزقة الذين يشعرون بالملل حول العالم اليوم، ويبحثون عن العمل والدفع، وتعدهم المنظمات الاستخباراتية عملاء جيدين لها.
طريقة الموساد لإعدام خصومه بعيدة كل البعد عن السهولة، لأنه في بعض الأحيان يلزم إجراء عملية احتيال معقدة، كالتي استهدف من خلالها خبير الطائرات من دون طيار في حماس محمد الزواري، عبر مقابلة مع صحفية أجنبية أدت إلى اغتياله، وفي بعض الأحيان يلزم إعداد مطول، بما في ذلك التدريب والعمليات التحضيرية لضمان التنفيذ.
لقد استغرق اغتيال طهران وقتًا طويلًا: عدد كبير من المهاجمين، عدة سيارات، عبوة ناسفة، عدة أسلحة، وفي النهاية، رصاصة في رأس فخري زادة، رغم أن الأمر تطلب دراسة متأنية للتضاريس، والاعتراف بأفعال الهدف، والتخطيط الفردي لكل مرحلة، من المتابعة الأولية التي حدثت، والهروب دون ترك شيء يكشف الجناة، أو مرسليهم.
لقد نفذت "إسرائيل" عددًا غير قليل من اغتيالات الماضي، بعضها خدم أهدافها الأمنية، مثل عماد مغنية، قائد حزب الله العسكري، فرغم مرور 12 عامًا على اغتياله، لكن لم يتوفر له بعد وريث حتى الآن، وبعض الاغتيالات جاءت أقل فائدة مما كان متوقعًا، مثل عبد العزيز الرنتيسي وصلاح شحادة وأحمد الجعبري، قادة حماس في غزة الذين ملأ ورثتهم أمكنتهم بسرعة، وبعض الاغتيالات جاءت سلبية، فعباس موسوي، زعيم حزب الله الذي اغتيل في 1992، تلقت "إسرائيل" بدلًا منه حسن نصر الله.