"عبرت جامعة الدول العربية عن رفضها قرار التشيك افتتاح مكتب تمثيل لها في القدس، ودعت الحكومة التشيكية للتراجع عن هذا الموقف الخطأ لما يمثله من انتهاك للقانون الدولي والحقوق الفلسطينية وخروج عن الإجماع الدولي خاصة الأوروبي بشأن القدس، ولما يشكله أيضا من تماهٍ مع سياسة الاحتلال العدوانية للاستيلاء على مدينة القدس المحتلة وتهويدها وما يمثله من إضرار بمبادئ تحقيق السلام في المنطقة وبالعلاقات العربية التشيكية"، انتهى الاقتباس من بيان الجامعة الصادر في السادس من ديسمبر الجاري٢٠٢٠م.
إنك إذا تأملت البيان يمكنك أن تقول بكل ثقة إن الجامعة العربية ما زالت جامعة حية وحيوية، وما زالت تبذل كل جهد دبلوماسي وسياسي للدفاع عن الحقوق الفلسطينية، وما جاء في البيان يمثل بجدارة ودقة الرؤية الفلسطينية. وهذا في حد ذاته موقف جيد من قيادة الجامعة العربية. ويجدر بك ملاحظة العلل المذكورة للرفض، وهي: مخالفة الإجماع الدولى والأوروبي خاصة، حيث ترفض دول أوروبا ضم القدس الشرقية للسيادة الإسرائيلية، وأنكرت على ترامب نقله السفارة الأميركية للقدس. ومن العلل تشجيع الاحتلال والتهويد والعدوان، ومنها أيضا الإضرار بفرص تحقيق الاستقرار في المنطقة، وبالعلاقات العربية التشيكية.
نعم، لو صاغت فلسطين البيان فهي لن تضيف له شيئا، لذاك قلت إن جامعة العرب ما زالت حية وحيوية، ولكن هذا الوصف سقط سقوطا مزريا في بيان الجامعة نفسها حين أقدمت دول عربية في الخليج والسودان على تطبيع العلاقات مع (إسرائيل) الدولة المحتلة التي ضمت القدس لسيادتها، واتخذتها عاصمة لها، وهذا الضم وتلك السيادة مفروضان على الفلسطينيين بقوة الاحتلال، وفيهما مبرر كافٍ للجامعة لانتقاد موقف الدول العربية التي دخلت حقل التطبيع بشهوة الصداقة مع اليهودي، مع أن العلل التي ذكرتها الجامعة في بيان التشيك هي العلل نفسها التي يمكن أن تذكرها الجامعة لدول العرب في الخليج والسودان، حيث تتوافر في تصرفاتهم علل التهويد، وتشجيع الاحتلال والعدوان، والإضرار بفرص الاستقرار في المنطقة، ومخالفة القوانين الدولية.
بناء على هذه المقارنة بين الحدثين حيث تفصل بينهما مدة زمنية لا تتجاوز الثلاثة أشهر، أود أن أسأل قيادة الجامعة العربية عن الحالة الصحية لها: متى تكون بعافية كما في نموذج التشيك؟ ومتى تكون بغير عافية كما في نموذج الخليج؟! وما الدول التي يجدر قرعها بالاحتجاج؟ وما الدول التي يجدر بالجامعة أن تقف على أبوابها صامتة وكأن في أذنيها وقرًا؟!