"لا يمكننا حبس أنفسنا طول العمر"، هذه مقولة درجت على ألسنة المواطنين دفاعًا عن استهتارهم وعدم تقيُّدهم بإجراءات الوقاية وما تتطلبه من حجر إلزامي أحيانًا منعًا لزيادة تفشي وباء كورونا، ولكن الأمور تغيرت وأصبح هناك أمل بالسيطرة على الوباء في أشهر معدودة، حيث بدأت عملية توزيع اللقاحات واستخدامها في بعض الدول وخلال الأيام والأسابيع القادمة سيتلقى الملايين في دول مختلفة لقاح كوفيد 19، وهناك احتمال أن يكون لفلسطين حصة من هذه اللقاحات، وخاصة لكبار السن والطواقم الطبية، ولمن هم أكثر حاجة لغيرهم من اللقاح.
إذًا أصبح لدينا موعد مقدر وقريب لنهاية الوباء، ولم تعد مقولة "طول العمر" صحيحة. الأشهر الثلاثة القادمة هي الأصعب ولن تكون هناك فترة أشد منها فيما يخص كوفيد 19، لأنه سيتم السيطرة على الوباء قبل حلول الشتاء القادم، ولذلك لا بد من التعاون بشكل جدي على عبور هذا الشتاء بأمان وبأقل الخسائر البشرية، وهذا يتطلب التزاما حديديا من المواطنين بتعليمات الجهات المختصة، كما يتطلب اجراءات حازمة من جانب المسؤولين.
مع بداية انتشار كوفيد 19 في الضفة الغربية وبعد ظهورها في مدينة بيت لحم تم فرض تقييد الحركة أو "منع التجول" لمدة ثلاثة اشهر، ثم بدأ التخفيف تدريجيا، وقد يكون ذلك سببا مباشرا في تأخر انتشار الوباء في الضفة الغربية، ونحن الان أحوج إلى هذه الإجراءات ولنفس المدة الزمنية في غزة والضفة الغربية إن لم تتراجع ارقام الاصابات بشكل ملحوظ وإن لم يتحل المواطنون بالقدر المطلوب من المسؤولية.
في الحرب الاخيرة صمدت غزة قرابة شهرين أمام العدو الاسرائيلي والان المطلوب منها ان تصمد امام عدو جديد وهو الوباء، ولا نقبل ان تحدث كارثة فيموت المئات ويصاب الالاف وينهار القطاع الصحي في الضفة وغزة بحجة استهتار المواطنين وعدم التزامهم، فهذه المسؤولية تقع على عاتق السلطة واصحاب القرار، المستهترون يمكن منعهم بأي طريقة، ولكن تغول الوباء إن حدث فلا قدرة للمؤسسات الطبية على احتماله، ولذلك لا بد من اتخاذ قرارات مهمة بشكل فوري تمنع التجمعات بكل اشكالها، وتخفف من حركة المواطنين بالقدر اللازم مع التشديد على التباعد الاجتماعي والالتزام بالكمامات واستخدام مواد التعقيم في المناطق العامة والاسواق والشوارع ، إلى جانب تشديد العقوبات على المخالفين وخاصة المرضى والمخالطين ممن لم يلتزموا الحجر الصحي، ونسأل الله السلامة للجميع.