من حق الإسرائيليين أن يشعروا بالبرد، ليس بسبب أحوال الطقس، ولكن بسبب برود السلام مع مصر، وفتوره، فقد تلقوا في الأيام الأخيرة تذكيرًا بهذا السلام البارد، عندما تجرأ النجم المصري محمد رمضان على التقاط صور له مع فنانين إسرائيليين، واتضح لهم أنه في 2020، فإن صورة أحد المشاهير المصريين مع أحد المشاهير الإسرائيليين وصفة جدية لإحداث كل هذه الفوضى في مصر.
اللافت أن الموقف المصري الإسرائيلي حصل بالتزامن مع وصول السلام مع الإمارات إلى نقطة يتم فيها استقبال المستوطنين في الإمارات باحتضان دافئ بعد ثلاثة أشهر فقط من السلام الناري، بينما في مصر، وبعد أربعة عقود، فلا يزال ممنوعا التقاط الصور أو لقاء الصهاينة علانية.
يمكن للإسرائيليين الاعتراف بأنهم يعيشون حالة من السخرية، المتمثلة بأن حادثة رمضان "نمبر ون" تعني أن الإسرائيليين تلقوا الصفعة في وجه العلاقات الإسرائيلية المصرية، في الوقت الذي يعيشون فيه أدفأ العلاقات مع الإمارات، مما يطرح السؤال: لماذا ما يصلح في دبي لا يعمل في القاهرة؟.
واضح أن النظام الحالي في مصر حصل على ميراث من النظام الذي سبقه، فعندما يتعلق الأمر بـ"إسرائيل"، فعل مبارك الكثير لاستقبال كبار مسؤوليها في القاهرة، لكنه لم يفعل شيئا لإحلال السلام على مستوى القاعدة الشعبية، فربما كانت صدمة اغتيال السادات شديدة للغاية، كونه أول زعيم عربي يتصالح مع "إسرائيل".
أعلن المصريون أن ما يقف بينهم وبين العناق الحار مع "إسرائيل" هو القضية الفلسطينية، التي وعدت "إسرائيل" بحلها في إطار اتفاق السلام، لكن نظرة فاحصة تكشف أن أسباب برودة الكتف المصرية مرتبطة بتهم أعمق، تجعل الكثير من الفروقات بين السلام الإسرائيلي مع مصر والإمارات، مع أن "إسرائيل" لم تشهد حروبا مع دول الخليج، وليس لديهما نزاعات إقليمية.
ورغم أن ارتباط حكام دول الخليج بالقضية الفلسطينية أقل موثوقية، في حين أن "إسرائيل" خاضت مع مصر حربا واحدة في كل عقد على الأقل، بين عامي 1948 و1979، لذلك يجد المصريون صعوبة بإجراء التغيير تجاه "إسرائيل"، ورؤيتها كدولة صديقة، باعتبارها دولة معادية سابقة، ورغم كل ذلك، فإن تعميم هذا الرأي على مئة مليون مصري يمثل مشكلة حقيقية لدى "إسرائيل".
ملاحظة الإسرائيليين التي استوقفتهم كثيرا، تمثلت بأنه عندما ظهرت صورة رمضان معهم، استغلها المعارضون المصريون لضرب صورة النظام، رغم أن ما قد يزعج آذان تل أبيب هو سماع المذيعين المرتبطين بالنظام المصري، وهم يوضحون للإسرائيليين حدود العلاقة الحالية في مصر، ومفادها أنه يوجد سلام بينهما، لكنهم لن يعانقونهم، وعلى المستوى الحكومي، يعمل السلام بينهما فيما يتعلق بالتعاون الأمني فقط.