فلسطين أون لاين

"عباس- ترامب" .."صفقة" للفلسطينيين أم عليهم؟

...
جانب من لقاء ترامب (يميناً) وعباس (يساراً) (أ ف ب)
عمان / رام الله - غزة - نبيل سنونو

بينما ضج البيت الأبيض بالحديث عن "صفقة" للتسوية بين السلطة الفلسطينية و(إسرائيل)، خلال لقاء رئيس السلطة محمود عباس بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء الماضي، فإنّ تفاصيل أو ملامح لهذه "الصفقة" لم يتم الإعلان عنها بعد.

لكن الغموض في المسألة لا يبدو إلى هذا الحد، فالرجلان أكدا أهمية التعاون الأمريكي الفلسطيني لمكافحة ما يسمى (الإرهاب)، "والحفاظ على السلام والأمن والاستمرار في التنسيق" مع حكومة الاحتلال، كما اعتبر ترامب أن إيجاد تسوية "ليس صعبا كما اعتقد الناس ولكننا في حاجة لطرفين عازمين"، مشيراً إلى أن عباس ونتنياهو إذا كانا "عازمين فسنتمكن من عقد صفقة".

ويسود اعتقاد بين مراقبين، بأن الحديث يدور هنا عن "مكافحة المقاومة" الفلسطينية، التي تصنفها واشنطن بأنها (إرهاب)، وأن الإدارة الأمريكية لن تقدم للفلسطينيين شيئًا على الإطلاق لا سيما في ظل انحيازها لـ(إسرائيل)، بينما يعتقد مسؤولان في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وحركة فتح، أن تحرك عباس في واشنطن "مهم" لنقل صورة معاناة الشعب الفلسطيني ومراكمة "الإنجاز".

ويجيب القيادي في حركة فتح، عبد الله عبد الله، عن سؤال صحيفة "فلسطين": ما الذي تتوقعونه من ترامب؟ بقوله: "توقعاتنا ليست عالية، لكن هذه إدارة جديدة وأظهر ترامب أن لديه استعدادًا أن يسمع وإرادة ليبذل جهدا لعمل بشأن التسوية لكن هل ينجح أم لا؟ هذه معلقة، تعتمد على طبيعة الأفكار التي يقدمها".

ويضيف: "ما من شك أن ترامب يريد أن يدرس الأمور من جوانب عديدة، فثقافته محدودة جدا في الشأن الفلسطيني وربما هو أكثر إلماما بالرواية الإسرائيلية لكنه نتيجة الزيارات العربية المتكررة وآخرها زيارة الرئيس أبدى استعداده للاستماع".

ويتابع عبد الله: "أي شيء لا يشمل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها شرقي القدس وحل كافة قضايا الوضع النهائي وفق قرارات الشرعية الدولية لن يكون مقبولا من جانبنا".

وعما يدعو قيادة السلطة والمنظمة للتمسك بالتعويل على واشنطن، يقول: "لا يوجد تعويل، لكن هذا ضمن الحراك الفلسطيني الذي يراكم إنجازات على أكثر من صعيد".

وحول مدى وجود أوراق أخرى لدى السلطة والمنظمة، يقول إنه إذا كانت "جيوشنا على الأبواب ولا نريد أن نعطلها نحن نركن على جنب ودع الجيوش تتقدم" وفق تعبيره.

لكن السفير الفلسطيني السابق د. ربحي حلوم، يتساءل: "أليست إرادة شعبنا أقوى من إرادة الجيوش؟ أليست انتفاضة السكاكين وانتفاضة الأسرى أقوى؟"، مردفا: "ولماذا لا يبنون (يقصد قيادة السلطة والمنظمة) جيوشا؟ ولماذا منعوا بناء الجيوش والمقاومة؟ من الذي شلّ البندقية المقاتلة (في وجه الاحتلال في الضفة الغربية)؟".

ويتهم حلوم، في تصريحات لصحيفة "فلسطين"، السلطة بأنها تعمل ليل نهار "لشل" المقاومة وضربها وتدميرها والقضاء عليها، من خلال التنسيق الأمني مع الاحتلال في الضفة الغربية.

ويردف حلوم: "نحن نملك ما هو أقوى من الجيوش، وأن نوجد قوى فاعلة ومقاتلة على الأرض"، معتبرا أنه "لو لم يشل عباس وسلطته المقاومة لما كان الاحتلال بهذه الصورة الشرسة" التي يمارس فيها جرائمه في الضفة الغربية.

من جهة ثانية، يقول عبد الله، ردا على سؤال: هل السلطة ستكون قادرة على قول "لا" لواشنطن إذا قدمت طرحا لا يلبي الحقوق الفلسطينية؟: "سبق وقلنا: لا، أكثر من مرة".

لكن حلوم، يعتقد أن عباس ذهب إلى واشنطن "ليقول نحن مع واشنطن في مكافحة المقاومة"، مبينا أن واشنطن تصنف المقاومة الفلسطينية على أنها (إرهاب)؛ على حد وصفها.

ويشدد على أن القوانين الدولية ميزت بين المقاومة و(الإرهاب) ووضعت حدا واضحا بينهما، معبرا عن اعتقاده بأن عباس ذهب ليقول لواشنطن "نحن معكم ومع الصهاينة مع الكيان الاحتلالي في مكافحة المقاومة".

ويرى حلوم، أن قيادة السلطة والمنظمة "بحاجة إلى دروس في معرفة ما هي ثوابت القضية الفلسطينية"، منبهًا على أن المقاومة هي "ثابت من ثوابت القضية".

"لا جديد"

من ناحيته، يقر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو يوسف، بأن التعويل على الولايات المتحدة بأن تغير من انحيازها وتحالفها الاستراتيجي ودعمها اللامحدود للاحتلال هو "وهم"، لكنه يعتبر في نفس الوقت، أن زيارة عباس لواشنطن "كانت منبرا مهما" لنقل صورة الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال، ما يمكن أن يشكل "فتحا لأفق سياسي حقيقي وجدي لإنهاء الاحتلال".

ويضيف أبو يوسف لصحيفة "فلسطين"، أنه دون "حل جدي وحقيقي للقضية الفلسطينية تبقى كل القضايا معلقة"، مشيرا إلى ضرورة "تجفيف منبع الإرهاب الرئيس وهو الاحتلال الإسرائيلي".

ويوضح أبو يوسف، أنه لا توجد لدى واشنطن أي تفسيرات واضحة لحل جدي للقضية الفلسطينية، وأن ترامب يتحدث عن صفقة وعن قضايا دون أن تكون هناك تفصيلات، معربا عن اعتقاده بعدم وجود استراتيجية واضحة لدى الرئيس الأمريكي لكن الحديث جرى أمريكيا عن دعم الاحتلال وحمايته.

وبشأن ما دار سابقا من حديث عن "تبادل الأراضي"، يشدد على أن طرح هذه المسألة "خطأ جسيم"، مفسرا بأنه يتعين التمسك بالقرارات الدولية التي تنص على انسحاب الاحتلال من كل الأراضي الفلسطينية المحتلة من 1967، "وليس إعطاء هدية مجانية للاحتلال من خلال تبادل أراض"، منوها إلى أن ذلك يفتح شهية الاحتلال للحديث عما تعرف بالمستوطنات الكبرى.

ويشدد على أن كل المستوطنات هي غير شرعية وغير قانونية، منبها إلى قرار مجلس الأمن الدولي الذي صدر العام الماضي، بهذا الصدد.

أما القيادي الفتحاوي، عبد الحميد المصري، فيرى أنه "لا جديد" في زيارة عباس لواشنطن، إلا اتفاق الطرفين على ما يسمى "مكافحة الإرهاب"، قائلا: "أعتقد أن هذا الموضوع لن يفيد الشعب الفلسطيني بالمطلق، حيث إننا نعاني من إرهاب المحتل الصهيوني وإن كان هناك شيء يجب أن يُقاوَم فهو إرهاب المحتل الصهيوني".

ويضيف المصري لصحيفة "فلسطين"، إن الأولى هو البحث عن حل للقضية الفلسطينية، متسائلا عما إذا كان لدى قيادة السلطة والمنظمة خطة استراتيجية لتحرير الأرض والإنسان الفلسطيني، أم أنها ستعود للتفاوض إلى ما لا نهاية؟

وعن احتمال توجه السلطة لمفاوضات مباشرة مع سلطات الاحتلال، يجيب: "لا أشك في ذلك"، متمما فيما يخص الصفقة التي يتحدث عنها ترامب: "لا أعتقد أن هناك صفقة، لكن الرئيس عباس ليس لديه خيارات إلا أن يكون مع ترامب؛ لأنه أقفل بيده كل الأبواب العربية والإقليمية في وجهه".