يقف المواطن جبر جعرور -في السادس والثلاثين من عمره- عاجزاً أمام قسوة الحياة التي ألقت همومها على كاهليه، ودفعته للتفكير في كيفية توفير قوت يومه لإعالة أفراد عائلته سيّما الأطفال منهم.
لا يجد "جعرور" ملجأ له سوى شيكات الشؤون الاجتماعية التي تصرفها السلطة كل ثلاثة أشهر وربما تتأخر؛ لسد الديون المتراكمة عليه من جهة، ودفع ثمن العلاج لأحد أبنائه الذي يعاني إعاقة ذهنية جعلته طريح الفراش، من جهة أخرى.
فبينما يهل هلال صرف شيكات الشؤون عبر تصريحات مسؤولين من السلطة، ينهمك "جعرور" بالتفكير في أعباء الحياة التي جعلته غير قادر على العمل بفعل "غضروف الظهر" الذي أصابه منذ عدة سنوات، حينما كان يعمل في أحد مصانع "البلوك".
ما يزيد القلق والهموم لدى "جعرور" وآلاف العائلات أمثاله، هو تأخر صرف شيكات الشؤون الاجتماعية لأشهر عدّة، تزامناً مع تردي الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها قطاع غزة بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض عليه من جهة، وتفشي جائحة كورونا في المجتمع، من جهة أخرى.
"وضعي الاقتصادي تحت الصفر ولا أستطيع توفير الأكل والشرب لأطفالي"، بهذه الكلمات وصف جعرور حياته المعيشية.
ويوما بعد آخر تتراكم الديون على "جعرور" الذي يُعيل أسرة من ثمانية أفراد، حتى أصبحت كـ"حبل" يلتف حول عنقه، بعدما بات أصحابها يلاحقونه، ومنهم مَن كتب عليه "كمبيالة" بقيمة 600 شيكل ويهدده بزجه في السجن إذا استمر في عدم سدادها، كما يروي لمراسل صحيفة "فلسطين".
ليس هذا المبلغ فحسب، فهناك أصحاب محلات تجارية قرب منزله الواقع في منطقة "جحر الديك" وسط القطاع، يريدون منه مبالغ وصلت إلى 1300 شيكل، عدا عن 1500 دينار أردني لمواطن آخر، وفق "جعرور".
وبينما يواجه همّه الكبير بعدم قدرته على توفير أبسط مقومات الحياة الكريمة لأفراد عائلته، خاصة أن لديه ثلاثة أطفال بحاجة إلى "حفاضات" بشكل مستمر، يخشى الخروج من منزله خشية مطالبته بالديون المستحقة عليه، ما دفعه للمطالبة بضرورة الإسراع بصرف شيكات الشؤون الاجتماعية في أقرب وقت ممكن.
ودعا الجهات المعنية وأصحاب القلوب الرحيمة للنظر بعين الرحمة والشفقة لوضعه الاقتصادي والمعيشي المتردي، وتوفير قوت يوم عائلته، كحد أدنى، خاصة في ظل تفشي جائحة كورونا.
معاناة مستمرة لهذه الفئة من المواطنين، لم تقتصر فقط على "جعرور" فحسب، فهناك المواطنة افتخار حسان (58 عاماً) التي تمر بظروف معيشية واقتصادية صعبة، دفعتها للاعتماد على شيكات الشؤون الاجتماعية كمصدر وحيد لها وعائلتها.
مرارة الحياة وقسوتها جعلت "حسان" المُعيلة الوحيدة لعائلتها المكونة من فردين بعدما توفي زوجها وأصبحت "أرملة" تجابه وتكافح لوحدها في سبيل توفير قوت يومها.
وتحتاج "حسان" إلى مبلغ 300 شيكل شهرياً لتوفير العلاج الخاص بها، فهي تعاني من "غضروف وتمزق في يدها"، إضافة إلى مبالغ أخرى تصرفها على ابنها "الأصم" المتزوج، ولا يستطيع العمل، حسب ما تقّص لمراسل "فلسطين".
ورغم تقليص عدد دفعات شيكات الشؤون الاجتماعية من أربع مرات سنوياً إلى ثلاث، إلا أنها باتت تواجه أيضاً سياسة تأخير صرفها، الأمر الذي يزيد الأعباء الملقاة على عاتقها، خاصة أنها تسكن في بيت بالإيجار.
ولم تُخف "حسان" حجم التأثيرات السلبية التي انعكست على عائلتها نتيجة تأخر صرف الشؤون، وعدم قدرتها على سداد الديون المتراكمة عليها، خاصة مع تردي الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، وتفشي جائحة كورونا.
وتطالب "حسان" السلطة بضرورة الإسراع في صرف مستحقاتهم، كي تتمكن من دفع إيجار البيت الذي بات صاحبه يهددها بإخراجها منه.
وكان وزير التنمية الاجتماعية في حكومة رام الله أحمد مجدلاني، قال في تصريح صحفي، أمس، إن الشق المالي لمخصصات الشؤون الاجتماعية تم اعتماده لدى وزارة المالية، إلا أن عملية الصرف ستتأخر إلى حين انتهاء الاتحاد الأوروبي من إجراءات المسح لقوائم المستفيدين المرسلة إليه، وهي عملية فنية عشوائية اعتيادية تتطلب وقتًا ما بين أسبوعين إلى ثلاثة.
وتصرف وزارة التنمية الاجتماعية مخصصات الشؤون لنحو 111 ألف أسرة بمبلغ إجمالي 130 مليون شيقل تقريبًا لقطاع غزة والضفة الغربية بنظام دفعة شهرية تصل ما بين 700 شيقل إلى 1800 شيقل لكل أسرة كل 3 أشهر، إلا أن الدفعة تتأخر عن الأسر، وهو ما يزيد من معاناتها كونها مصدر الدخل الوحيد لها.