فلسطين أون لاين

​في المهرجان السنوي للمنتجات الوطنية .. إبداعات شبابية

...
غزة - عبد الرحمن الطهراوي

"الإبداع" و"التراث" و"الاقتصاد" مفاهيم ثلاثة تلاقت مخرجاتها في مكان واحد لتشكل معًا لوحة عرضت تفاصيلها في معرض المنتجات الوطنية السابع، الذي أقامته كلية التجارة بالجامعة الإسلامية في غزة.

المعرض الذي يفتح أبوابه لجمهور القطاع الساحلي على مدار أربعة أيام كشف إبداعات شبابية، في تحدي الحصار الإسرائيلي، المفروض منذ عشر سنوات متتالية، وتزينت جنباته بالمشغولات اليدوية والأقمشة المطرزة، وأيضًا عرض جملة من الصناعات الوطنية الفاخرة.

وعند المدخل المؤدي إلى قاعة المعرض انشغل أيمن عطا الله (45 عامًا) بوضع اللمسات الأخيرة على قارورة فخارية، بعدما غاصت أطراف أصابع يديه الخشنتين في كومة صغيرة من الطين الأملس، وهو يقف على الآلة المخصصة لذلك (العجانة)، التي تعجن وتخلط الطين وتجهزه للتشكيل.

لن أتركها

وواصل عطا الله بخطوات متسلسلة ومتسارعة تشكيل الآنية الفخارية، راسمًا على بعض منها أشكالًا ونقوشًا هندسية جمالية، وفق طلبات الزبائن، الذين تهافتوا لمشاهدته بغية الاستمتاع بجمال صنعه.

وصناعة الفخار من أقدم الحرف التقليدية التراثية الفلسطينية ومعلم وطني تتزايد قيمته عبر العصور، ولهذه الأسباب ما زال عطا الله يتمسك بالحرفة التي تواجه تحديات الانقراض أو التوقف التام.

وفي وسط انشغال عطا الله بالحديث مع الزبائن وإجابته عن أسئلتهم عن أسعار البيع، التي راوحت في الأغلب ما بين خمسة شواكل وعشرة؛ قال لمراسل "فلسطين": "اكتسبت حب هذه المهنة من والدي الذي تعلم أسرارها من أجدادي، لذلك أنا لن أتركها إطلاقًا، حتى مع تراجع مستوى العمل".

وزاد موضحًا: "هي مهنة العائلة والأجداد التي يصعب التفريط فيها، لأصالتها وكونها رمزًا إلى التراث، فلقد اشتهرت بفلسطين _وتحديدًا قطاع غزة_ منذ قرون طويلة بصناعة الفخار وتصديره إلى عشرات البلدان العربية والأجنبية، على عكس ما يجري الآن من منع تام للتصدير وحصار مشدد".

عطا الله قبل أن نتركه ونتوجه إلى مقابلة مشارك آخر في المعرض أكد لـ"فلسطين" أن الاعتماد على الآنية الفخارية في الطعام والشراب يحقق فوائد صحية عظيمة، يغفل عنها الكثير من الناس الذين يفضلون استخدام الآنية البلاستيكية في حياتهم اليومية.

أفكار إبداعية

وفي الزاوية اليمنى للمعرض الذي استقطب فئات مجتمعية مختلفة من طلبة جامعات، ورجال أعمال، وفنانين، وهواة مشغولات يدوية وقف الشاب ساجي الهندي، خلف طاولة خشبية متوسطة الحجم عرض عليها منحوتات وتذكارات متعددة المضامين، منحوتة بدقة متناهية على خامة الجبس.

"تصميمات إسلامية وشخصيات وطنية ومعالم مقدسية وزخارف هندسية" كل تلك الأفكار وغيرها يبدع ساجي وشقيقه يوسف بالتعاون مع عمهما مهندس الديكور في تجهيزها داخل منزلهم بمخيم الشاطئ للاجئين، غربي مدينة غزة، بأدوات وإمكانات محدودة.

ويتفق ثلاثتهم على حب الفن بغض النظر عن تخصصاتهم الجامعية، وعلى ذلك علق ساجي قائلًا لـ"فلسطين": "جمعنا حب الإبداع، وتقديم كل شيء فني غير مألوف من مادة الجبس، التي لها استخدامات محددة غالبًا، وأيضًا تجرعنا معًا مرارة الحصار والبطالة، فاتجهنا إلى إطلاق مشروع ريادي".

وعن دوافع المشاركة بمعرض الجامعة الإسلامية أضاف: "نسعى إلى نشر منتجاتنا والتعريف بها، فنحقق بعض الشهرة والتسويق عند الجمهور الزائر، وفي الوقت نفسه قد نستفيد من بعض ملاحظات الجمهور التي تطور من عملنا".

من الهواية إلى التجارة

الشاب إبراهيم المملوك شارك في زاوية أخرى في الركن الشمالي من المعرض، مقدمًا للزوار عشرات القطع القديمة، ما يعرف بـ"الأنتيكا"، من نحاسيات وخشبيات قديمة وتحف وإكسسوارات مختلفة الأحجام واللمسات، وبعض الصناديق، وعلب الهدايا، والقليل من العملات النادرة.

وبدا المملوك منهمكًا بترتيب وتصفيف القطع على سطح الطاولة، محاولًا لفت نظر الداخلين إلى المعرض والخارجين منه، إذ تساءل بعضهم عن ماهية المحتوى المعروض لدى الشاب العشريني، الذي ورث حب حفظ "الأنتيكا" من أحد أقاربه، قبل أن تتحول الهواية إلى تجارة.

وبين أن حجم الإقبال على اشتراء تلك القطع "ضعيف"؛ فشريحة قليلة تهتم باقتناء كل ما هو قديم وتراثي، أما الفئة الأوسع فتعد تلك البضاعة من الكماليات، في ظل تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية داخل القطاع المحاصر.

يذكر أن مجموعة من الشركات التجارية والمؤسسات الحكومية والأهلية في شتى القطاعات: الزراعي، والصناعي، والحرف والأعمال اليدوية، والجمعيات الأهلية؛ تشارك في فعاليات المعرض.