مع مرور الوقت يزداد ظهور المؤشرات الخاصة بالمجتمع الإسرائيلي، التي تكشف عن مدى ضعفه وانقسامه، حتى بات مصابا بالشلل، وفق التقييمات الإسرائيلية الأخيرة، وبات اليوم ينزل إلى هاوية الكراهية، والانفصال، ويعيش أصعب أيام عرفتها "إسرائيل" على الإطلاق، منذ تأسيسها.
من الواضح أن "المتهم" نتنياهو وفريقه نجحوا في تفريق الإسرائيليين، وتفكيك مجتمعهم إلى فتات رقيق من الكراهية والعداء والشر، وتحويلها من "ديمقراطية" حديثة مدعاة إلى مملكة فاسدة، تفسد كل من يمسها، وكل من يجرؤ على قول كلمة واحدة لانتقاد حكومتها الفوضوية يتم اتهامه على الفور بالخيانة، ويصنف فورا بأنه يساريٌّ يكره "إسرائيل".
وصل الأمر بالإسرائيليين إلى أن يخافوا من الاحتجاجات والمظاهرات والانتماء السياسي والسخرية السياسية، ورويدا رويدا أصبحوا ضعفاء، ضائعين، وغير آمنين، وهم يعيشون في دولة تشهد ازدحاما وتكدسا بالقنابل النووية.
يؤكد ما تقدم أن الساحة الإسرائيلية لم يعد فيها مجال للاستماع، واحترام الرأي المختلف، ومحاولة فهم الجانب الآخر، بل إن غموضا كبيرا بات يلفها، بفعل الكراهية الرهيبة، وطبقة الخبث التي قد تتسبب باندلاع الحرب الأهلية، وكل من يعارض نتنياهو يتم تقديمه كعدو، حتى أن قاعدة الكذب باتت تتعمق في النقاشات السياسية، بجانب اندلاع التحريض.
يتساءل الإسرائيليون: ماذا حدث لنا حتى أصبحنا جبناء؟ ممَّ نخاف؟ وكيف سمحوا بحدوث هذا الموقف؟ وكيف لم يوقفوا هذه العملية التخريبية والخطرة؟ ولماذا لم يتعلموا من أخطاء الماضي واستخلاص الدروس؟ وغيرها الكثير من الأسئلة التي لم يُجَب عنها بعد.
يطالب الإسرائيليون أوساطهم السياسية بالنظر إلى حليفتهم الولايات المتحدة، حين ارتكبت خطأ فادحًا مرة واحدة بانتخاب دونالد ترامب، ولن تكرره مرة أخرى، وأظهروا بأوضح الطرق وأكثرها صراحة من خلال طرده، لأن الدولة بالنسبة للأمريكيين مهمة، وليس القائد، وحان الوقت لكي يتعلم الإسرائيليون منهم، من خلال طرد حكومتهم الضعيفة الطفولية، التي تستغل نفوذها السياسي لإسكات الإسرائيليين، وإضعافهم، وتفكيكهم إلى أجزاء ممزقة متشظية.
في مثل هذه الحالة، لن يكون مدهشًا أن تلقي هذه الحكومة الإسرائيلية باللوم على العالم كله في جميع إخفاقاتها، ولن تعترف بأخطائها، ولن تكون بالتأكيد مسؤولة عنها، وليس هناك ما يمكن توقعه من أعضاء مثل هذه الحكومة سوى الاستقالة، لأن الاستمرار على الخط ذاته، سيؤدي إلى تفاقم الأحداث من الاحتجاجات والمظاهرات؛ لأنه ليس هناك شيء لمواجهة هذه الحكومة الإسرائيلية المشوهة والمتضررة والمعوقة سوى هذه الفعاليات والأحداث.
يتخوف الإسرائيليون كثيرا من استمرار هذا الوضع السيئ، وتصدر دعوات من أوساطهم بألا ييأسوا، بل عليهم تجميع كل قواهم، ومواصلة "الحرب" من أجل الدولة، فليس لديهم دولة أخرى، وإذا لم "يقاتلوا" من أجل مستقبلها، فسوف تتبدد "إسرائيل"، وتختفي، وكأنها لم تكن، وهذا ما نأمله!