يومًا بعد آخر تزداد أعداد الإصابات بفيروس كورونا في قطاع غزة، حتى بات يقف على أعتاب الـ1000 إصابة يوميًّا، وهو ما ينذر بكارثة صحية، ويدق ناقوس الخطر أمام المواطنين والجهات الحكومية في الأيام القادمة.
وسجَّلت وزارة الصحة في قطاع غزة أمس، 891 إصابة جديدة، وهو أعلى معدل من الإصابات منذ دخول الجائحة القطاع في شهر مارس الماضي، إذ بلغت النسبة 30% من مُجمل عينات الفحص التي أجرتها الطواقم الطبية ووصلت إلى 3037 فحصًا في الـ24 ساعة.
وإزاء هذا المؤشر الخطر الذي وصلت إليه الحالة الوبائية في قطاع غزة، يبقى السؤال المطروح حول طبيعة المرحلة القادمة، والإجراءات التي ستُقدم عليها الجهات الحكومية، خاصة في ظل حالة الاستهتار بين المواطنين رغم خطورة المرحلة.
وتواصل وزارة الداخلية في قطاع غزة، فرض بعض الإجراءات المشددة ومنها إغلاق المحال التجارية والمنشآت عند الساعة الخامسة مساءً يوميًّا، وحظر التجوال الكامل بدءًا من الساعة الثامنة مساءً.
مؤشر خطر
مستشار وزير الصحة لشؤون التعاون الدولي في وزارة الصحة بغزة، د. مدحت عباس، حذر من خطورة ارتفاع أعداد الإصابات بفيروس كورونا (كوفيد-19) المُسجلة يوميًّا، نتيجة استهتار المواطنين بالالتزام بالإجراءات الوقائية.
ووصف عباس في حديثه مع "فلسطين"، ارتفاع الإصابات بأنه "مؤشر خطر جدًّا" في ظل انهيار النظام الصحي في قطاع غزة، وذلك نتيجة الاستهتار وعدم اتباع إجراءات التباعد الاجتماعي.
واستدرك: "لكن ما زال هناك أمل وفرص كبيرة جدًّا، لو قرر المواطن أن يُنقذ النظام الصحي والقطاع، عن طريق الالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي، حتى يتم تصحيح منحنى الإصابات".
وقال: "إذا بقيت الأمور كما هي عليه الآن، فإن الاستهتار سيقتل الجميع وليس فقط كبار السن"، مستهجنًا النظرة السائدة لدى بعض المواطنين بأن وجود كورونا "لُعبة سياسية".
وأوضح أن وزارة الصحة بالتعاون مع الجهات الحكومية تتابع الحالة الوبائية يوميًّا في القطاع، وتتخذ الإجراءات المناسبة وفقًا لها، مثل زيادة إجراء المسحات الطبية والفحوصات.
وأضاف عباس: "الوضع خطر في غزة، والأخطر في ذلك هو استمرار الاستهتار بين المواطنين وعدم ارتداء الكمامات الطبية"، مطالبًا الجهات القانونية المختصة بمعاقبة المخالفين للإجراءات الوقائية بالقانون وفرض غرامات مالية عليهم، في سبيل الحفاظ على الحالة الصحية بالقطاع.
وأكد أنه "على الجميع التعامل مع الأشخاص الذين يقابلونهم على أنهم مصابون بالفيروس والتعامل معهم بالإجراءات الوقائية"، مرجِّحًا أن يكون السيناريو القادم للقطاع "سيئًا" حال استمرار حالة الاستهتار.
بدوره، قال مقرر اللجنة الوطنية للتثقيف الصحي لمكافحة فيروس "كورونا" د. معين الكريري، إن الزيادة السريعة في أعداد الإصابات اليومية يضع "إشارة حمراء كبيرة" تستوجب التوقف عندها، خاصة مع انتشار فيروس الإنفلونزا الموسمية حاليًا.
وأوضح الكريري في حديثه مع "فلسطين"، أن وزارة الصحة والجهات الحكومية ما زالت تراهن على التزام المواطنين بالإجراءات الوقائية وعزل المصابين أنفسهم وعدم الخروج من منازلهم حفاظًا على سلامته وسلامة المجتمع.
وأضاف أن "الخطورة في الوقت الحالي ناتجة عن تفشي موجة الإنفلونزا الموسمية، ما يؤدي لوجود إصابات بفيروس كورونا دون ظهور الأعراض عليهم".
وتابع: "عند ظهور أعراض عند أي مواطن عليه الالتزام في بيته واتخاذ أقصى درجات الالتزام والوقاية، والتعامل مع الآخرين على أنه مُصاب عند الخروج الاضطراري من المنزل".
قرار الإغلاق
وشدد الكريري على أنه "إذا لم يتعامل المواطنون على أنه كل واحد منهم مصاب، فإن الأمور ستأخذ منحى كارثيًّا تجاه زيادة أعداد المصابين خلال المرحلة القادمة".
وأشار إلى أن مستشفيات العزل وأقسام العناية المركزة باتت مليئة بالمصابين، حيث بلغت نسبة الذين يرقدون على أجهزة التنفس الصناعي ما يزيد على 55%، "وفي حال زادت الأعداد فسيكون إشغال كامل لغرف العناية، ومن ثم سنجد أنفسنا غير قادرين على التعامل مع الحالات في أي لحظة".
وبحسب الكريري، فإن السيناريوهات القادمة وفقًا للحالة الوبائية في القطاع "غير مريحة"، واللجان المختصة تنظر في الوضع القائم والأعداد المتزايدة لاتخاذ القرارات اللازمة.
وأضاف: "قد لا نحتاج للإغلاق الشامل إذا كانت هناك مسؤولية من المواطنين، لأنه بعض انتهاء الإغلاق ستعود الأمور كما كانت عليه من قبل نتيجة السلوكيات الخاطئة الموجودة".
وأشار إلى أن انهيار المنظومة الصحية يترافق مع الواقع الديمغرافي الصعب في قطاع غزة، حيث يكثر فيه التجمعات والكثافة السكانية خاصة في المخيمات.