فلسطين أون لاين

وثيقة حماس لا تعكس تَكرارًا لميثاق فتح و"م ت ف"

...
جانب من إعلان وثيقة حماس (أ ف ب)
غزة - حازم الحلو

رأى محللان سياسيان أن حديث البعض بأن وثيقة حماس التي أطلقتها الحركة، أول من أمس، طابقت ما تحمله السلطة الفلسطينية وحركة فتح من رؤية سياسية تعتمد الدولة الفلسطينية في حدود عام 1967، "مضلل ويستند إلى قراءة مجتزأة ومغلوطة للوثيقة".

وكانت حركة حماس قد أعلنت وثيقة سياسية تعرض في جزء منها رؤية الحركة للحل المرحلي للقضية الفلسطينية عبر القبول بإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، مع عدم التفريط بحق الشعب الفلسطيني في بقية أرضه التي تشمل فلسطين التاريخية بكل مساحتها المعروفة.

وفور إعلان الوثيقة، تحدث قادة من حركة فتح وبعض فصائل اليسار الفلسطيني أن حركة حماس تبدأ سياسيًا من حيث انتهت حركة فتح ومنظمة التحرير، والتي اعترفت بدولة الاحتلال ونبذت المقاومة والكفاح المسلح، ووضعت آمالها باستعادة الحق الفلسطيني على استجداءات التفاوض ومتاهات عملية "التسوية".

وأكد المحلل السياسي د.محمود العجرمي، أن الحديث عن أن حماس استنسخت ما تطرحه حركة فتح بعد مرور عشرات السنوات هو طرح تضليلي، إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال إيجاد علاقة بين ما طرحته حماس في وثيقتها وبين النهج الاستسلامي السياسي الذي تتبعه حركة فتح والسلطة في رام الله.

وذكر لصحيفة "فلسطين"، أن وثيقة حماس واضحة في تعاطيها مع القضية الفلسطينية وتعطي للشعب الفلسطيني الروافع والأدوات اللازمة لاستمرار مسيرته النضالية حتى الوصول للتحرير.

وأوضح العجرمي أن فتح كانت في بدايتها ترى في نفسها حركة تحرر فلسطيني تريد استعادة كافة التراب الفلسطيني على مساحته التاريخية، مشيرًا إلى أنه ومع مرور السنوات انحدر منحنى ثوابتها ليصل إلى أدنى درجاته عندما تم تعديل ميثاقها مع نهاية ثمانينيات القرن الماضي وألغت منه البنود التي قامت عليها وكتبت تاريخها عبره.

واعتبر أن ما يرى فيه البعض تراجعًا من حماس عن مواقفها المبدئية هو أمر لا يعدو كونه فهمًا لطريق التعامل مع المستجدات على الساحة الدولية والإقليمية عبر ممارسة المرونة التكتيكية في الأمور الممكنة، واعتماد الصلابة في الثوابت التي لا تقبل التجزئة أو العبث بها.

وبيَّن العجرمي أن ما طرحته حماس يمكن أن يكون عاملًا مساعدًا في الوصول إلى صيغة تقاطعية مع الفصائل الفلسطينية عبر القبول بدولة فلسطينية على خطوط عام 1967 كحل مرحلي لا يلغي حق الشعب الفلسطيني في بقية أرضه.

ولفت إلى أنه حتى بافتراض أن حماس تراجعت عن منطلقاتها التاريخية عبر القبول بدولة عام 1967، فإن هذا الحل فقد إمكانية تطبيقه على أرض الواقع من خلال ممارسات الاحتلال بتشجيع الاستيطان وقضم الأراضي، الأمر الذي خلق ما يشبه مجموعة من الجزر الفلسطينية المتباعدة عن بعضها والمقسومة بمستوطنات تقطع أوصالها.

وشدد العجرمي على أن من يرى من وثيقة حماس فقط جملة الموافقة على دولة عام 1967، فانه يتعامى في المقابل عن نصوص أخرى تساعد في فهم موقف الحركة كالنص الذي يتحدث عن عدم الاعتراف بالاحتلال واعتباره كيانًا معاديًا ورفض التسليم بالقرارات والاتفاقات الدولية التي تقضم حقوق الشعب الفلسطيني.

من ناحيته، رأى المحلل السياسي علاء الريماوي، أن اتهام حماس بأنها تستنسخ رؤية حركة فتح والمنظمة هو اتهام يفتقر للمصداقية والمنطقية، معتبرًا أنه إذا كان الأمر كذلك فلماذا هاجم الاحتلال الوثيقة واعتبرها ذات الميثاق؟

وقال لصحيفة "فلسطين": إن حماس أحسنت في شكل الصياغة لوثيقتها وفق ضوابط حضارية تستند إلى المبادئ والقواعد الدولية التي تقر حق الشعوب في مقاومة الاحتلال الواقع عليها.

وأشار الريماوي إلى أن الرؤية الإسرائيلية لوثيقة حماس تعي صورة عما إذا كانت حماس تنازلت عن منطلقاتها التاريخية أم لا، إذ علق أحد الكتاب الإسرائيليين على ذلك بقوله إن حماس استبدلت ما كتبته في ميثاقها الأول من أن فلسطين من النهر إلى البحر، بعبارة جديدة في وثيقتها الوليدة تقول فيها إن فلسطين من البحر إلى النهر.

وأوضح أن ميثاق حماس الأول لم يتحدث عن تجزئة للحل، بينما قدمت الوثيقة للمجتمع الدولي صيغًا يمكنها من خلالها التعامل مع حماس، منبهًا على أن حماس أوجدت صيغًا مدنية أممية يمكنها الاستفادة منها في مواجهة من يتهمها بأنها "إرهابية".

ولفت إلى أن وثيقة حماس وعلى خلاف ما مارسته فتح خلال السنوات الماضية من سلوك سياسي، فإن وثيقة حماس دمجت بين الثابت في المنطلقات، والتكتيك الذي يمكن من خلاله المناورة سياسيًا لتحقيق مكاسب هنا أو هناك.

واعتبر الريماوي أن خلاصة الوثيقة أنها لم تأتِ بجديد غير متوقع، على صعيد الثوابت السياسية التي تستخدمها قيادة الحركة في خطاباتها، منبهًا على أن الجديد هو إيجاد قوالب مرجعية بوزن وثيقة سياسية.