تزداد التقديرات الاقتصادية الإسرائيلية بأن وضعها النسبي في المنطقة قد يتغير نحو الأسوأ، إذا لم يكن هناك تغيير في درجة عدم المساواة في توزيع الدخل والاتجاهات الديموغرافية التي تميزها، مقارنة بالاتجاهات نفسها التي تحدث في دول أخرى.
دون الخوض في طريقة الحساب، فقد تراجع الاقتصاد الإسرائيلي المحلي في الربع الثاني من 2020 بأكثر من 28%، مسجلا أسوأ مستوى منذ نحو 40 عاما، كما انخفضت واردات السلع والخدمات بنسبة 41.7% على أساس سنوي، في حين تراجع الإنفاق الاستهلاكي الخاص بنسبة 43.4%.
تحتل "إسرائيل" المرتبة التاسعة من بين 20 دولة في الشرق الأوسط في نسبة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0-14 من إجمالي السكان، ويُظهر فحص التركيبة الديمغرافية أنه يوجد فيها نسبة كبيرة من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، وتشير هذه المعطيات إلى أن نسبة السكان غير المشمولين في الفئة العمرية للعمل في "إسرائيل" مرتفعة مقارنة بجزء كبير من دول الشرق الأوسط، وهذا الرقم له تأثير على إمكانات نمو الناتج المحلي الإجمالي بـ"إسرائيل"، ومدى الفقر فيها، والفقر المتوقع مستقبلا، إذا استمرت هذه الاتجاهات.
وقد ارتفعت معدلات العجز المالي لـ"إسرائيل" إلى 100 مليار شيكل، ما يوازي 9.1% من الناتج المحلي العام، ويتوقع أن يزيد هذا العجز بفعل سياسة الإنفاق للحكومة، مقابل تراجع المداخيل لخزينة الدولة، التي اقترضت هذا العام 137 مليار شيكل، مقابل 43.6 مليار شيكل في الفترة الموازية لها في 2019، وهذه الديون ستثقل كاهل "إسرائيل" لعشرات السنين.
مع العلم أن تراجع الوضع الاقتصادي الإسرائيلي مرتبط بحجم إنفاقها الدفاعي، ومن أجل الحفاظ على قوتها العسكرية، فهي تنفق نسبة كبيرة من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي على الأمن، مع أن الإنفاق الكبير على الأمن يؤثر أيضًا على رفاهية الإسرائيليين، لأن هذه الموارد المخصصة للأمن تقلل من الموارد المتبقية للاستهلاك المدني.
تتزامن هذه المعطيات الاقتصادية السلبية الإسرائيلية مع أزمة كورونا، وما أسفرت عنه من إغلاقات لمنع تفشي الوباء، حيث يقدر بنكها المركزي أن كلفة كل أسبوع إغلاق تصل تسعة مليارات شيكل أي 2.63 مليار دولار، وأن البطالة ستقفز مع نهاية 2020 إلى 13.5%، وأدى إلى تعطيل 32% من القطاع الاقتصادي والمؤسساتي، كما تعطل القطاع السياحي بنسبة 80%، وقطاع المواصلات على أشكالها، بما فيها الجوية، تعطّل بنسبة 50%.
تجلت مؤشرات الأزمة الاقتصادية بتراجع كبير في الإنتاج، بما فيه القطاع الاستهلاكي، وإغلاق 70 ألف مصلحة اقتصادية، وتراجع أعداد المصالح الاقتصادية بثلاثين ألفاً، رغم ارتفاعها سنويا بعشرة آلاف مصلحة، ما يحمل دلالات تفيد بأن 20% من العائلات الإسرائيلية الفقيرة، التي فيها عامل واحد، قد تفقد كليا مصدر رزقها، وتتحول لتلقي المخصصات الاجتماعية.