فلسطين أون لاين

غزة ترفض صناعة الأزمات

المصالحة الوطنية من الأعمال العظيمة التي يرغب الذين يحملون حسًّا وطنيًّا جميعًا في إنجازها، وعلى رأس هؤلاء أجنحة المقاومة بمختلف تشكيلاتها، لكن مع ذلك مازال أمام المصالحة تحديات وعقبات كبيرة، تفرضها بعض الضغوط والتوازنات الدولية على سلطة رام الله، التي لم تتغلب عليها بعد.


إذا ما توافرت دعائم حقيقية لتحقيق المصالحة بعيدًا عن الخلافات والمصالح؛ فالوحدة الوطنية لها ركائز وحدود تجمع الكل الوطني، وتمكننا إذا ما سرنا وفقها من تحقيق وحدة وطنية بقواعد وقوانين جامعة للحقائق والاتفاقات التي اتفقت عليها حركتا فتح وحماس بما يلبي آمال وحقوق شعبنا.


إن وهم التنسيق الأمني هو ذلك السراب الذي يحاول المتعاونون مع كيان الاحتلال طرحه أنه الحل الوردي، إذ يزعمون أنه سيجعل الباب مفتوحًا أمام كل الأحلام والتفسيرات الكاذبة التي يحاول المتخاذلون من أصحاب عقيدة التنسيق الأمني إغواء الجماهير بها، بإثارة رغبتهم بالعيش في ظروف يسودها السلام الوهمي، الذي يعملون به على محاربة المقاومة وانتفاضة القدس واعتقال الشرفاء من أبناء شعبنا المشاركين فيها، وخدمة مصالح الاحتلال، إن أصحاب التنسيق الأمني يحاولون تخدير الناس بالشعارات الخادعة، التي يزعمون بها أن التنسيق الأمني هو العلاج السحري لمشكلاتهم وأزماتهم، وفي الحقيقة إنهم أصبحوا خدمًا للاحتلال.


إن تهديد سلطة رام الله باستخدام تكتيكات وعقوبات غير تقليدية في مهاجمة أهالي قطاع غزة، بقطع مخصصات بعض الموظفين، وطرد آخرين، وإيقاف رواتب بعض، والخصم من رواتب آخرين، إضافة إلى قطع بعض مخصصات الشؤون الاجتماعية عن عدد من العائلات الفقيرة في غزة، وإيقاف اعتماد بعض أسر الشهداء؛ إنما هي مقدمات سيئة تدعونا للبحث عن المستفيد من استهداف أهالي قطاع غزة، وخلق أزمات تلو الأزمات. والدوافع وراء ذلك لا نفترض أنها بريئة تمامًا في ظل الأزمات المفتعلة ضد أهالي القطاع، ومنها فرض ضريبة (البلو) على الوقود المرسل إلى محطة توليد الكهرباء بقطاع غزة، ما يكرس أزمة الكهرباء في ظل تجاهل السماح بالحلول لهذه الأزمات.


سلاح الترهيب لن يكون مقبولًا لدى أهالي غزة الذين وقفوا في وجه العدوان الإسرائيلي، وقصفه المدنيين الأبرياء، وإن المقاومة الفلسطينية اليوم قادرة على أن تضع معادلة جديدة تحصن بها قطاع غزة مركز ورمز الصمود، وقلعة المقاومة التي ستبقى صخرة في وجه الحاقدين حتى تحرير كل فلسطين.


المقاومة التي جعلت كيان الاحتلال وجيشه ومجتمعه يتذوقون طعم الهزيمة العسكرية والنفسية أثبتت قدرتها على فرض واقع جديد على الساحة، يتمثل بتمسكها بثوابت الشعب الفلسطيني، وتركيز الجهود الوطنية نحو تحرير أرض فلسطين كاملة، لقد أتقنت المقاومة قواعد وحكمة التعامل مع الواقع وتطوراته؛ فكانت إستراتيجياتها راسخة في المبادئ ومرنة في الوسائل، ما كان له دور كبير في تشويش خطط العدو وتعاظم إخفاقاته أمام المقاومة.