في الوقت الذي تتسارع فيه عملية التطبيع العربية الإسرائيلية على المستويات السياسي والاقتصادي والعسكري، كشفت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن مشروع تطبيعي جديد يقوده فريق نسائي إسرائيلي، ينطقن باللغة العربية، ويخضن حوارات عبر شبكات التواصل الاجتماعي مع النشطاء العرب في الجزيرة العربية خصوصا، والعالم العربي عموما، من خلال عرض صور لأطباق شهية، ومقاطع فيديو من رحلات متعددة الجنسيات، وإصدارات مقلدة لأغاني أم كلثوم وفريد الأطرش، وبعض دروس الرقص الشرقي.
تقوم هؤلاء النساء اليهوديات بعملية غسيل دماغ موجهة لغزو عقول الشبان العرب، من خلال تقديم وجبات الطعام ودروس الشعر، وآخر أخبار الفن والموضة، وإنشاء حوار مع النشطاء العرب على شبكات التواصل الاجتماعي، لاسيما الفيسبوك وتويتر وإنستغرام ويوتيوب، في مسعى لا تخطئه العين لتغيير الصورة النمطية لـ"إسرائيل" في أذهان العرب عموما، ولو بشكل تدريجي.
يصل عدد متابعي هذا الفريق النسائي الإسرائيلي على شبكات التواصل عشرات الآلاف، وتنشر حساباتهن مقاطع فيديو لأغاني أم كلثوم وفريد الأطرش وفايزة أحمد، يعطون إعجابات لهذه المقاطع، ويعلقون عليها، ويرسلون رسائل خاصة إليهن على الصندوق الخاص.
يكشف هذا الفريق أن اتفاقيات التطبيع زادت من رغبة متابعيهن العرب في تعلم اللغة العبرية، حتى أن الكثير من نشطاء دول الخليج تبدأ أسماؤهم بأحرف عبرية، ولا تتدخل هذه الحسابات في شؤون الدول العربية الداخلية، ولا تنشر محتويات سياسية حساسة، بل يركزن على الثقافة والأدب والموسيقى، بزعم أن هذه المحتويات تنشئ جسورًا للتواصل، يرسلن تهانيهن بالإجازات الرسمية للدول العربية، ودعوة متابعيهن العرب لزيارة "إسرائيل".
يظهر المسوغ الإسرائيلي لهذه الحسابات التطبيعية انطلاقا من أنه في الوقت الذي يخوض الجيش الإسرائيلي قتالا ضد المقاومة الفلسطينية، تندلع حرب أخرى على الجبهة الإعلامية، بظهور المتحدثين باسمه، ويدافعون عن رواية الاحتلال على شبكات التواصل، مع أن الجناح العربي بوزارة الخارجية الإسرائيلية يضم عشرة عاملين فقط.
في الأسابيع الأخيرة، وبعد الاتفاقات التطبيعية، يشعر الفريق الإسرائيلي بزخم كبير في أنشطته، ليست كل ردود الفعل إيجابية بالطبع، هناك متابعون يتشبثون بكراهيتهم لـ"إسرائيل"، لكن المسعى الإسرائيلي طويل النفس، وهم يعتمدون على سياسة تدريجية، معتقدين بوجود اختلافات في توجهات الرأي العام العربي، بناء على كل منصة رقمية، ففي حين يزخر تويتر بقادة الرأي والصحفيين والمؤثرين الكبار، أما في فيسبوك وإنستغرام فيضمان في الغالب مواطنين عرباً عادين.
الخلاصة أن هناك قناعة إسرائيلية مفادها أن التطبيع السياسي الجاري مع السودان والبحرين والإمارات، ومن قد سيأتي بعدها جاء ضمن أسباب أخرى مهمة، نتيجة للعمل الإسرائيلي على القنوات الرقمية العربية، بعد أن الاسم المرادف الحقيقي لـ"إسرائيل" هو "الاحتلال".