لم يعتبر أهلها أن ولادتها مصابة بمرض السكري نقيصة في حقها، بل على العكس قدموا لها الدعم وعززوا ثقتها بنفسها على طبق من ذهب لتستطيع أن تواجه المجتمع الذي سيغمض عينيه عن كل ما وصلت له من إنجازات وما واجهته من تحديات ليلحق بها جملته التي تحمل معاني الشفقة "بس يا حرام مصابة بالسكري"، فكانت إصابتها بداء السكري بمثابة دفعة قوية في حياتها وتعزيز ثقتها بنفسها، وظهور شخصيتها القوية، فأصبحت صاحبة رسالة توصلها للمصابين بذات الداء من وحي معايشتها للتجربة..
إسلام علي (25 عامًا) من سكان مدينة غزة، تخرجت من كلية التمريض في الجامعة الإسلامية عام 2014م، وتعمل حاليًا في قسم الأوبئة والأمراض المزمنة.
كان طموح إسلام في مرحلة الثانوية أن تصبح في مستقبلها القادم كاتبة وروائية، ولكن بعد حرب الفرقان عام 2008م وما رأته من تدمير للبيوت وجرحى بالآلاف قررت أن تقتحم المجال الطبي لتخفف من معاناة الغزيين، وخاصة بعدما منَّ الله عليها بمعدل عالٍ في الثانوية العامة.
وقالت: "وكان سبب التحاقي بكلية التمريض أني عندما كنتُ طفلة واجه أهلي معاناة في زياراتي للأطباء الشبه دائمة بعد ولادتي مصابة بمرض السكري، فأصبح لدي هدف في التخفيف من آلام الناس، ومراعاة ظروفهم"، فرأت من هذا العمل الإنساني أنها تتعامل مع الناس مباشرة، وقد أدت قسمًا في يوم تخرجها أن تكون عونًا لشعبها، وتؤدي مهامها على أكمل وجه.
فإصابتها بالسكري لم تكن يومًا عائقًا في حياتها، "فمريض السكري لا ينقصه شيء، كل ما في الأمر أنهم لا يستطيعون الاستغناء عن الأنسولين".
ومن خلال عملها ومتابعتها لحالات مصابة بذات الداء كانت تمر عليها حالات وخاصة من المراهقين المصابين ترفض إصابتها وتلقي العلاج، فكانت تستغرب، في يوم أرسلت لها طالبة جامعية تستنجدها عبر الواتس في كيفية التعامل مع حالتها ، وبعدها خطرت ببالها عمل مجموعة "السكري بوابتي للجنة" مع صديقتها تساعد المصابات وأهليهم في كيفية التعامل مع المشاكل الاجتماعية التي تواجههم، وكيفية تنظيم الأمهات منسوب السكر لأبنائها.
وأضافت علي: "ثم توجهت لعمل فيديوهات في جمعية حيفا لأطفال مرضى السكري، ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي أتناول فيها الانعكاسات النفسية لمرضى السكري، والفتيات السكريات والبلوغ، والحوامل، وزواج السكريين"، وذلك بفعل معايشتها للتجربة من ألفها إلى يائها، إلى جانب لوحات فنية تصنعها بأناملها من حقن الأنسولين وشرائح لقياس السكري تحت مسمى "عائلتي أنسولين حياتي" فهم من حولوا واقع حياتها من ألم إلى أمل.
وأوضحت أنه من خلال مجموعة "الواتس أب" والفيديوهات تمكنت من مساعدة ناس كثر، وكانت تستغرق وقتًا وجهدًا، وتحتاج إلى متابعة دائمة وتواجد للإنترنت والكهرباء على مدار 24 ساعة.
ووجهت تركيزها على معاناة أطفال السكري في الحياة الأسرية والاجتماعية والعلمية في المدارس، "فنحن نواجه مشاكل في طبيعة تقبل المجتمع، فأنا استطعت بجهود والدي التأقلم مع السكري في مرحلة طفولتي فغيري لا يستطيع"، وفق قولها.
وتأمل علي ألا تبقى نشاطاتها مقتصرة على الغزيين فقط، وتطمح بالعمل مع الجمعية القطرية للسكري، فقد قدمت أبحاثا من عمق التجربة، الأول عن واقع الحياة السكرية في غزة بالمقارنة مع عدد من الدول العربية الأخرى كمصر، واﻷردن، وقطر، والامارات، والثاني المراهقة والسكري، والثالث عن العلاقة بين اﻹصابة بالسكري والتحصيل اﻷكاديمي.
وعلى حسابها الخاص تقوم بعمل حملات توعوية لمرضى السكري وأهاليهم، وختمت حديثها: "نحن فعليًا محتاجون لمؤسسات مجتمعية دولية داعمة لنا".