فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

المكاسب الاقتصادية الإسرائيلية من التطبيع

في الوقت الذي لا يخفي فيه الإسرائيليون تأكيد أن اتفاقات التطبيع الأخيرة مع الإمارات والبحرين، وأخيرًا السودان، قد تثبت نفسها قريبًا على الأرض، من النواحي السياسية والأمنية والعسكرية، يؤكدون المكاسب الاقتصادية والمالية، من طريق الاستثمارات والسياحة والنفط والطاقة.

تقدر المحافل الإسرائيلية أن التطبيع الجاري قد يجعل (إسرائيل) قوة للطاقة، إذ وقعت مذكرة تفاهم لتشغيل جسر بري لنقل النفط بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، عبر خط أنابيب النفط في (إيلات)- عسقلان، وهذا الاحتمال تضاعف نحو التحول إلى واقع إقليمي جديد.

لعلها المرة الأولى التي تخرج فيها (إسرائيل) من عزلتها جزيرةً للطاقة، وترتبط من ناحية بنظام النقل العربي، ومن ناحية أخرى بمنتجي النفط الرئيسين مثل أذربيجان وكازاخستان، تنقل النفط ومنتجاته للأسواق العملاقة في الشرق الأقصى وأفريقيا، ومع مرور الوقت يطمع الإسرائيليون في أن يصبحون مركزًا لوجستيًّا دوليًّا لتكرير النفط، وتخزينه.

مع العلم أن الإيرانيين يراقبون هذا التطور جيدًا، ويرونه بديلًا دوليًّا عن مضيق هرمز، من حيث الأمن والاقتصاد للسفن وناقلات النفط، ويخشون الانتقال والاستغناء عن أكبر أصولهم الجيو-إستراتيجية متمثلًا في المضيق، رغم أن تفجيرات العام الماضي بناقلات النفط خارجه، والهجوم الإيراني على منشآت النفط السعودية، دفعا العالم للبحث عن بدائل لهذا المسار الخطير، والجسر البري الذي تقدمه (إسرائيل) الآن هو أحدها.

يضع التطبيع الجاري (إسرائيل) مع اللاعبين الإقليميين والدوليين بمجال الطاقة، وسينقل الخط البحري الجديد المنتجات النفطية من الإمارات إلى (إيلات)، ويتدفق الوقود للمحطات في عسقلان، ومن هناك للعملاء في أنحاء البحر المتوسط، وتقدر قيمة الترانزيت بـ800 مليون دولار في السنة، إضافة إلى النشاط الذي سينمو حول خط أنابيب النفط وفروعه لموانئ أسدود وحيفا والمصافي، ويتوقع أن يولد صناعة جديدة في (إسرائيل).

يبلغ طول خط الأنابيب (إيلات)-عسقلان 254 كم، وينضم لخليج حيفا، ما يطرح تساؤلات عن قدرة الجيش الإسرائيلي على حماية صادرات الغاز الإسرائيلية إلى أوروبا، إذ تبحر السفن البحرية حاليًّا على بعد ألف كم قبالة سواحل الـ(48) لحماية سفن الشحن الإسرائيلية، ما يؤكد أن (إسرائيل) تدخل حقبة جديدة من تكافؤ الفرص الكبيرة، بجانب المخاطر الكبيرة، ويتطلب اقتصادًا متقدمًا ونفوذًا إستراتيجيًّا.

بجانب الأثر الاقتصادي، يعبر الاتفاق التطبيعي عن واقع إقليمي جديد لمثلث إستراتيجي يضم (إسرائيل) والإمارات والولايات المتحدة، ما دفع طهران لإطلاق التهديدات منذ لحظة توقيعه، حتى إن التهديدات تناولت خط أنابيب النفط (إيلات)- عسقلان، ما يطرح جملة من الأسئلة بشأن المدى الذي يجعل الإيرانيين يشعرون بأن أهم أصولهم الجيو-إستراتيجية، يُتجَاوَز ببساطة، وهو مضيق هرمز، ويضع أمام (إسرائيل) تحديًا أمنيًّا، لا يقل خطورة عن مكاسبها الاقتصادية.