فلسطين أون لاين

تبعات التصنيف الإسرائيلي لتركيا في قائمة الأعداء!

تعيش العلاقات التركية الإسرائيلية منذ سنوات حالة من التوتر المتنامي في العديد من ملفات المنطقة المتشابكة، مما وجد إسقاطاته بزيادة ساحات الاحتكاك وتبادل الاتهامات، وزادته موجة التطبيع الإسرائيلية العربية الخليجية الجارية.

بجانب التوتر الرسمي في المستويات السياسية والأمنية الإسرائيلية، فقد باتت كلمة "تركيا" من أكثر الكلمات الرائجة التي يبحث عنها الباحثون الإسرائيليون في لقاءاتهم الدراسية ومؤتمراتهم العلمية، وغدت إحدى أبرز القضايا التي تتناولها وسائل الإعلام وقنوات الأخبار الإسرائيلية.

ساهمت المحافل الإسرائيلية في التحريض الإقليمي والدولي على تركيا، بصورة لا تخطئها العين، وبذلت جهودًا في التأثير على الرأي العام الإسرائيلي تجاهها، بالإشارة بين حين وآخر على ما تعتبره خطورة توجهاتها، وزيادة نفوذها في المنطقة، بل والسيطرة على مواردها، ومقدراتها.

سعت الأوساط الإسرائيلية للتحذير مما وصفته تنامي الأدوار التركية بملفات الشرق الأوسط، وطالبت دوائر صنع القرار بتجسيد علاقاتها مع حليفاتها "العربية" في المنطقة، ويا للأسف، للوقوف بوجه تركيا معًا، بسبب خشيتهما من كونها دولة إقليمية ذات طموحات توسعية، وعلاقاتها قوية بحركات المقاومة، ما رفعها لدرجة التهديد الاستراتيجي على "إسرائيل".

يعد الإسرائيليون تركيا خطرًا إستراتيجيًا عليهم، وانطلاقًا من هذا التصنيف تحاول تل أبيب زراعة الخوف منها بالإشارة لقدراتها العسكرية، ومساعيها للسيطرة على المنطقة، والتركيز كثيرًا على مشروعها الإقليمي، واستغلال علاقاتها السيئة بالدول التي "طبَّعت" علاقاتها مع "إسرائيل" على قاعدة "عدو عدوي صديقي"، كما نراه واضحًا في السلوك السعودي الإماراتي المصري تجاه تركيا.

ترصد المحافل الإسرائيلية مساعي تركيا في فرض نفسها كلاعب مركزي على العديد من الساحات الإقليمية: سوريا، العراق، ليبيا، القوقاز، حيث حققت فيها مصالحها الكبرى، وتحولت دولة مؤثرة على هذه الساحات، لكن الأمر اللافت لدى الأوساط الإسرائيلية، أنها تعد مساعي تركيا لمد نفوذها في المنطقة، وتحويل نفسها إلى إمبراطورية عظمى، تنطلق من دافعية عقائدية تنص على أن عدم توسعها وسيطرتها، وظهور دول إقليمية عظمى، سيُسهم بالضرورة في انكماشها، وتعرضها لمخاطر متعددة.

في هذا الإطار، يربط الإسرائيليون بين دعم تركيا للقوى المعادية لهم، وبين البعدين الأيديولوجي والمصلحي لها، فتركيا تسعى لأن تصبح دولة عظمى في المنطقة، ووجدت في معاداة "إسرائيل" وسيلة لتحقيق ذلك، ومنذ أن وصل أردوغان للسلطة عام 2002، انقلبت بلاده من "حليف" لـ"إسرائيل" إلى "عدو".

وقد رصدت "إسرائيل" توظيف تركيا لجملة من الأدوات في معاداتها لها، أهمها التحذير من خطرها على المسجد الأقصى والقدس، ما استقطب حولها المزيد من الجماهير والأنصار الفلسطينيين والعرب والمسلمين، كما تجلَّى في عقد مؤتمرين عاجلين في إسطنبول عقب إعلان ترامب عن القدس عاصمة لـ"إسرائيل"، دونًا عن باقي الدول العربية والإسلامية.